20 - ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون .
- 21 - ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون .
يقول تعالى : { ومن آياته } الدالة على عظمته وكمال قدرته أنه خلق أباكم آدم من تراب { ثم إذا أنتم بشر تنتشرون } فأصلكم من تراب ثم من ماء مهين ثم تصور فكان علقة ثم مضغة ثم صار عظاما شكله على شكل الإنسان ثم كسا الله تلك العظام لحما ثم نفخ فيه الروح فإذا هو سميع بصير ثم كلما طال عمره تكاملت قواه وحركاته حتى آل به الحال إلى أن صار يبني المدائن والحصون ويدور أقطار الأرض ويكتسب ويجمع الأموال وله فكرة وغور ودهاء ومكر ورأي وعلم واتساع في أمور الدنيا والآخرة كل بحسبه فسبحان من أقدرهم وسيرهم وسخرهم وصرفهم في فنون المعايش والمكاسب وفاوت بينهم في العلوم والفكر والحسن والقبح والغنى والفقر والسعادة والشقاوة ولهذا قال تعالى : { ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون } . عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض جاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك والخبيث والطيب والسهل والحزن وبين ذلك " ( أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود وقال الترمذي : حسن صحيح ) . وقوله تعالى : { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا } أي خلق لكم من جنسكم إناثا تكون لكم أزواجا { لتسكنوا إليها } كما قال تعالى : .
{ هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها } يعني بذلك حواء خلقها الله من آدم من ضلعه الأيسر ولو أنه تعالى جعل بني آدم كلهم ذكورا وجعل إناثهم من جنس آخر من غيرهم إما من جان أو حيوان لما حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الأزواج بل كانت تحصل نفرة لو كانت الأزواج من غير الجنس ثم من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم وجعل بينهم وبينهن { مودة } وهي المحبة { ورحمة } وهي الرأفة { إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون }