15 - إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون .
- 16 - تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون .
- 17 - فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون .
يقول تعالى : { إنما يؤمن بآياتنا } أي إنما يصدق بها { الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا } أي استمعوا لها وأطاعوها قولا وفعلا { وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون } أي عن اتباعها والانقياد لها كما يفعله الجهلة من الكفرة الفجرة قال الله تعالى : { إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } ثم قال تعالى : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } يعني بذلك قيام الليل وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة قال مجاهد والحسن : يعني بذلك قيام الليل وعن أنس وعكرمة : هو الصلاة بين العشاءين وعن أنس أيضا : هو انتظار صلاة العتمة وقال الضحاك : هو صلاة العشاء في جماعة وصلاة الغداة في جماعة { يدعون ربهم خوفا وطمعا } أي خوفا من وبال عقابه وطمعا في جزيل ثوابه { ومما رزقناهم ينفقون } فيجمعون فعل القربات اللازمة والمتعدية عن معاذ بن جبل قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلّم في سفر فأصبحت يوما قريبا ونحن نسير فقلت : يا بني الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار قال : " لقد سألت عن عظيم وغنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال : ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة والصدقة تطفيء الخطيئة وصلاة الرجل في جوف الليل - ثم قرأ - { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } حتى بلغ { جزاء بما كانوا يعملون } ثم قال : ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ " فقلت : بلى يا رسول الله فقال : " رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله " ؟ فقلت : بلى يا نبي الله فأخذ بلسانه ثم قال : " كف عليك هذا " فقلت : يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به " ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم " ( أخرجه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة ) . وروى ابن أبي حاتم عن معاذ بن جبل قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلّم في غزوة تبوك فقال : " إن شئت نبأتك بأبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة وقيام الرجل في جوف الليل " ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } الآية وعن أسماء بنت يزيد قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة جاء مناد فنادى بصوت يسمع الخلائق " سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم " ثم يرجع فينادي : ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع - الآية - فيقومون وهم قليل " وقال بلال : لما نزلت هذه الآية { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } الآية كنا نجلس في المجلس وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصلون بعد المغرب إلى العشاء فنزلت هذه الآية { تتجافى جوبهم عن المضاجع } ( أخرجه البزار عن زيد بن أسلم عن أبيه ) وقوله تعالى : { فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين } أي فلا يعلم أحد عظمة ما أخفى الله لهم في الجنات من النعيم المقيم واللذات التي لم يطلع على مثلها أحد لما أخفوا أعمالهم كذلك أخفى الله لهم من الثواب جزاء وفاقا فإن الجزاء من جنس العمل قال الحسن البصري : اخفى قوم عملهم فأخفى الله لهم ما لم تر عين ولم يخطر على قلب بشر قال البخاري : قوله تعالى { فلا تعلم ما أخفي من قرة أعين } الآية عن أبي هريرة Bه عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " قال الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " قال أبو هريرة اقرأوا إن شئتم { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } ( رواه البخاري ومسلم والترمذي والإمام أحمد ) . وفي الحديث : " من يدخل الجنة ينعم لا يبأس لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " ( أخرجه مسلم من حديث حماد بن سلمة عن أبي هريرة مرفوعا ) وروى مسلم عن المغيرة بن شعبة يرفعه إلى .
النبي صلى الله عليه وسلّم قال : سأل موسى عليه السلام ربه D ما أدنى أهل الجنة منزلة ؟ قال : هو رجل يجيء بعدما أدخل أهل الجنة الجنة فيقال له : ادخل الجنة فيقول : أي رب كيف وقد أخذ الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم ؟ فيقال له أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا ؟ فيقول : رضيت رب فيقول لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله فقال في الخامسة : رضيت ربي هذا لك وعشرة أمثاله معه ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك فيقول : رضيت رب قال رب فأعلاهم منزلة قال : أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر . قال : ومصداقه من كتاب الله D { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } الآية ( أخرجه مسلم عن المغيرة بن شعبة مرفوعا ورواه الترمذي وقال : حسن صحيح )