14 - أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم .
- 15 - مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم .
يقول تعالى : { أفمن كان على بينة من ربه } أي على بصيرة ويقين في أمر الله ودينه بما أنزل الله في كتابه من الهدى والعلم وبما جبله الله عليه من الفطرة المستقيمة { كمن زين له سوء .
عمله واتبعوا أهواءهم } ؟ أي ليس هذا كهذا كقوله تعالى : { أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى } ؟ ثم قال D : { مثل الجنة التي وعد المتقون } قال عكرمة { مثل الجنة } أي نعتها { فيها أنهار من ماء غير آسن } يعني غير متغير والعرب تقول : أسن الماء إذا تغير ريحه وفي حديث مرفوع { غير آسن } يعني الصافي الذي لا كدر فيه وقال عبد الله Bه : أنهار الجنة تفجر من جبل من مسك { وأنهار من لبن لم يتغير طعمه } بل في غاية البياض والحلاوة والدسومة وفي حديث مرفوع : " لم يخرج من ضروع الماشية " { وأنهار من خمر لذة للشاربين } أي ليست كريهة الطعم والرائحة كخمر الدنيا بل حسنة المنظر والطعم والرائحة { لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون } { لا يصدعون عنها ولا ينزفون } وفي حديث مرفوع : " لم يعصرها الرجال بأقدامهم " { وأنهار من عسل مصفى } أي وهو في غاية الصفاء وحسن اللون والطعم والريح وفي حديث مرفوع : " لم يخرج من بطون النحل " . روى الإمام أحمد عن حكيم بن معاوية عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : " في الجنة بحر اللبن وبحر الماء وبحر العسل وبحر الخمر ثم تشقق الأنهار منها بعد " ( أخرجه أحمد ورواه الترمذي وقال : حسن صحيح ) . وفي الصحيح : " إذا سألتم الله تعالى فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة وفوقه عرش الرحمن " وقال الحافظ الطبراني عن عاصم أن لقيط ابن عامر خرج وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم قلت : يا رسول الله فعلى ما نطلع من الجنة ؟ قال صلى الله عليه وسلّم : " على أنهار من عسل مصفى وأنهار من خمر ما بها صداع ولا ندامة زأنهار من لبن لم يتغير طعمه وماء غير آسن وفاكهة لعمر إلهك ما تعلمون وخير من مثله وأزواج مطهرة " قلت : يا رسول الله أو لنا فيها أزواج مصلحات ؟ قال : " الصالحات للصالحين تلذونهن مثل لذاتكم في الدنيا ويلذونكم غير أن لا توالد " . وعن أنس بن مالك Bه قال : لعلكم تظنون أن أنهار الجنة تجري في أخدود في الأرض والله إنها لتجري سائحة على وجه الأرض حافاتها قباب اللؤلؤ وطينها المسك الأذفر ( أخرجه ابن أبي الدنيا موقوفا ورواه ابن مردويه مرفوعا ) .
وقوله تعالى : { ولهم فيها من كل الثمرات } كقوله D : { يدعون فيها بكل فاكهة آمنين } وقوله سبحانه وتعالى : { ومغفرة من ربهم } أي مع ذلك كله وقوله سبحانه وتعالى : { كمن هو خالد في النار ؟ } أي هؤلاء الذين ذكرنا منزلتهم من الجنة كمن هو خالد في النار ؟ ليس هؤلاء كهؤلاء وليس من هو في الدرجات كمن هو في الدركات { وسقوا ماء حميما } أي حارا شديد الحر لا يستطاع { فقطع أمعاءهم } أي قطع ما في بطونهم من الأمعاء والأحشاء عياذا بالله تعالى من ذلك