13 - يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير .
يقول تعالى مخبرا للناس أنه خلقهم من نفس واحدة وجعل منها زوجها وهما ( آدم ) و ( حواء ) وجعلهم شعوبا وهي أعم من القبائل وبعدها مراتب أخر كالفصائل والعشائر والأفخاذ وغير ذلك فجميع الناس في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء عليهما السلام سواء وإنما يتفاضلون بالأمور الدينية وهي طاعة الله تعالى ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلّم ولهذا قال تعالى بعد النهي عن الغيبة واحتقار بعض الناس بعضا منبها على تساويهم في البشرية : { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا } أي ليحصل التعارف بينهم كل يرجع إلى قبيلته وقال مجاهد { لتعارفوا } كما يقال فلان ابن فلان من قبيلة كذا وكذا وعن أبي هريرة Bه عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر " ( أخرجه الترمذي وقال : حديث غريب ) . وقوله تعالى : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } أي إنما تتفاضلون عند الله تعالى بالتقوى لا بالأحساب .
وقد وردت الأحاديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم فروى البخاري عن أبي هريرة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلّم أي الناس أكرم ؟ قال : " أكرمهم عند الله أتقاهم " قالوا : ليس على هذا ما نسألك قال : " فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله " قالوا : وليس على هذا ما نسألك قال : " فعن معادن العرب تسألوني " ؟ قالوا : نعم قال : " فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا " . ( حديث آخر ) : عن أبي هريرة Bه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " ( أخرجه مسلم وابن ماجة ) . ( حديث آخر ) : وروى الإمام أحمد عن أبي ذر Bه قال إن النبي صلى الله عليه وسلّم قال له : " أنظر فإنك لست بخير من أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى الله " ( تفرد به أحمد ) . ( حديث آخر ) : وعن حبيب بن خراش العصري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : " المسلمون إخوة لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى " ( أخرجه الطبراني ) . ( حديث آخر ) : وعن حذيفة Bه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " كلكم بنو آدم وآدم خلق من تراب ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم أو ليكونن أهون على الله تعالى من الجعلان " ( أخرجه البزار في مسنده ) . ( حديث آخر ) : قال ابن أبي حاتم عن ابن عمر Bهما قال : طاف رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوم فتح مكة على ناقته القصواء يستلم الأركان بمحجن في يده فما وجد لها مناخا في المسجد حتى نزل صلى الله عليه وسلّم على أيدي الرجال فخرج بها إلى بطن المسيل فأنيخت ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم خطبهم على راحلته فحمد الله تعالى وأثنى عليه بما هو له أهل ثم قال : " يا أيها الناس إن الله تعالى قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية وتعظمها بآبائها فالناس رجلان : رجل بر تقي كريم على الله تعالى ورجل فاجر شقي هين على الله تعالى إن الله D يقول : { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير } " . ثم قال صلى الله عليه وسلّم : " أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم " .
( أخرجه ابن أبي حاتم وعبد بن حميد ) . وقوله تعالى : { إن الله عليم خبير } أي عليم بكم خبير بأموركم فيهدي من يشاء ويضل من يشاء ويرحم من يشاء ويعذب من يشاء وهو الحكيم العليم الخبير