63 - أفرأيتم ما تحرثون .
- 64 - أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون .
- 65 - لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون .
- 66 - إنا لمغرمون .
- 67 - بل نحن محرومون .
- 68 - أفرأيتم الماء الذي تشربون .
- 69 - أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون .
- 70 - لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون .
- 71 - أفرأيتم النار التي تورون .
- 72 - أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون .
- 73 - نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين .
- 74 - فسبح باسم ربك العظيم .
يقول تعالى : { أفرأيتم ما تحرثون } ؟ وهو شق الأرض وإثارتها والبذر فيها { أأنتم تزرعونه } ؟ أي تنبتونه في الأرض { أم نحن الزارعون } ؟ أي بل نحن الذي نقره قراره وننبته في الأرض روي عن حجر المدري أنه كان إذا قرأ { أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون } وأمثالها يقول : بل أنت يا رب وقوله تعالى : { لو نشاء لجعلناه حطاما } أي نحن أنبتناه بلطفنا ورحمتنا وأبقيناه لكم رحمة بكم ولو نشاء لجعلناه حطاما أي لأيبسناه قبل استوائه واستحصاده { فظلتم تفكهون } . ثم فسر ذلك بقوله : { إنا لمغرومون ... بل نحن محرمون } أي لو جعلناه حطاما لظلتم تفكهون في المقالة تنوعون كلامكم فتقولون تارة { إن لمغرومون } أي لملقون وقال مجاهد وعكرمة : إنا لمولع بنا وقال قتادة : معذبون وتارة تقولون : { بل نحن محرمون } أي لا يثبت لنا مال ولا ينتج لنا ربح وقال مجاهد { بل نحن محرومون } أي مجدودون يعني لا حظ لنا وقال ابن عباس ومجاهد { فظلتم تفكهون } تعجبون وقال مجاهد أيضا { فظلتم تفكهون } تفجعون وتحزنون على ما فاتكم من زرعكم وهذا يرجع إلى الأول وهو التعجب من السبب الذي من أجله أصيبوا في مالهم وهذا اختيار ابن جرير . وقال عكرمة { فظلتم تفكهون } تلاومون وقال الحسن وقتادة { فظلتم تفكهون } تندمون ومعناه إما على ما أنفقتم أو على ما أسلفتم من الذنوب قال الكسائي : تفكه من الأضداد تقول العرب : تفكهت بمعنى تنعمت وتفكهت بمعنى حزنت . ثم قال تعالى : { أفرأيتم الماء الذي تشربون ... أأنتم أنزلمتوه من المزن } يعني السحاب { أم نحن المنزلون } يقول بل نحن المنزلون { لو نشاء جعلناه أجاجا } أي زعافا مرا لا يصلح لشرب ولا زرع { فلولا تشكرون } أي فهلا تشكرون نعمة الله عليكم في إنزاله المطر عليكم عذبا زلالا { لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون } روى ابن أبي حاتم عن جابر عن أبي جعفر عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه كان إذا شرب الماء قال : " الحمد لله الذي سقانا عذبا فراتا برحمته ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا " ( أخرجه ابن أبي حاتم ) ثم قال : { أفرأيتم النار التي تورون } أي تقدحون من الزناد وتستخرجونها من أصلها { أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشؤن } أي بل نحن الذين جعلناها مودعة في موضعها وللعرب شجرتان : إحداهما ( المرخ ) والأخرى ( العفار ) إذا أخذ منهما غصنان أخضران فحك أحدهما بالآخر تناثر من بينهما شرر النار وقوله تعالى : { نحن جعلناها تذكرة } قال مجاهد وقتادة : أي تذكر النار الكبرى وعن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " إن ناركم هذه جزء من سبعين جزء من نار جهنم وضربت بالبحر مرتين ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد " ( أخرجه أحمد عن أبي هريرة مرفوعا ) وقال الإمام مالك عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزء من نار جهنم " فقالوا : يا رسول الله إن كانت لكافية فقال : " إنها قد فضلت عليها بتسعة وستين جزءا " وفي لفظ : " والذي نفسي بيده لقد فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها " ( أخرجه مالك ورواه البخاري ومسلم ) .
وقوله تعالى : { ومتاعا للمقوين } قال ابن عباس ومجاهد : يعني بالمقوين المسافرين واختاره ابن جرير وقال ابن أسلم : المقوي ههنا الجائع وقال ليث عن مجاهد { ومتاعا للمقوين } : للحاضر والمسافر لكل طعام لا يصلحه إلا النار وعنه { للمقوين } يعني المستمتعين من الناس أجمعين وهذا التفسير أعم من غيره فإن الحاضر والبادي من غني وفقير الجميع محتاجون إليها للطبخ والاصطلاء والإضاءة وغير ذلك من المنافع ثم من لطف الله تعالى أودعها في الأحجار وخالص الحديد بحيث يتمكن المسافر من حمل ذلك في متاعه وبين ثيابه فإذا احتاج إلى ذلك في منزله أخرج زنده وأورى وأوقد ناره فاطبخ بها واصطلى بها واشتوى واستأنس بها وانتفع بها سائر الانتفاعات فلهذا أفرد المسافرون وإن كان ذلك عاما في حق الناس كلهم وفي الحديث : " المسلمون شركاء في ثلاثة : النار والكلأ والماء " ( أخرجه أحمد وأبو داود ) وفي رواية : " ثلاثة لا يمنعن : الماء والكلأ والنار " ( أخرجه ابن ماجة بإسناد حسن ) . وقوله تعالى : { فسبح بسم ربك العظيم } أي الذي بقدرته خلق هذه الأشياء المختلفة المتضادة الماء الزلال العذب البارد ولو شاء لجعله ملحا أجاجا كالبحار المغرقة وخلق النار المحرقة وجعل ذلك مصلحة للعباد وجعل هذه منفعة لهم في معاش دنياهم وزجرا لهم في المعاد