88 - فأما إن كان من المقربين .
- 89 - فروح وريحان وجنة نعيم .
- 90 - وأما إن كان من أصحاب اليمين .
- 91 - فسلام لك من أصحاب اليمين .
- 92 - وأما إن كان من المكذبين الضالين .
- 93 - فنزل من حميم .
- 94 - وتصلية جحيم .
- 95 - إن هذا لهو حق اليقين .
- 96 - فسبح باسم ربك العظيم .
هذه الأحوال الثلاثة هي أحوال الناس عند احتضارهم : إما أن يكون من المقربين أو يكون ممن دونهم من أصحاب اليمين وإما أن يكون من المكذبين بالحق الضالين عن الهدى الجاهلين بأمر الله ولهذا قال تعالى : { فأما إن كان } أي المحتضر { من المقربين } وهم الذين فعلوا الواجبات والمستحبات وتركوا المحرمات والمكروهات وبعض المباحات { فروح وريحان وجنة نعيم } أي فلهم روح وريحان وتبشرهم الملائكة بذلك عند الموت كما تقدم في حديث البراء إن ملائكة الرحمة تقول : أيتها الروح الطيبة في الجسد الطيب كنت تعمرينه اخرجه إلى روح وريحان ورب غير غضبان قال ابن عباس { فروح } يقول : راحة { وريحان } يقول : مستراحة وكذا قال مجاهد : إن الروح الاستراحة وقال أبو حرزة : الراحة من الدنيا وقال سعيد بن جبير : الروح الفرح وعن مجاهد : { فروح وريحان } جنة ورخاء وقال قتادة : فروح فرحمة . وقال ابن عباس ومجاهد { وريحان } : ورزق وكل هذه الأقوال متقاربة صحيحة فإن مات مقربا حصل له جميع ذلك من الرحمة والراحة والاستراحة والفرح والسرور والرزق الحسن { وجنة نعيم } وقال أبو العالية : لا يفارق أحد من المقربين حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيقبض روحه فيه وقال محمد بن كعب : لا يموت أحد من الناس حتى يعلم أمن أهل الجنة هو أم من أهل النار وقد قدمنا أحاديث الاحتضار عند قوله تعالى في سورة إبراهيم { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت } . وقد وردت أحاديث تتعلق بهذه الآية . روى الإمام أحمد عن أم هانيء أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم : أنتزاور إذا متنا ويرى بعضنا بعضا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " يكون النسم طيرا يعلق بالشجر حتى إذا كان يوم القيامة دخلت كل نفس في جسدها " هذا الحديث فيه بشارة لكل مؤمن ومعنى " يعلق " يأكل ويشهد له بالصحة أيضا ما رواه الإمام أحمد عن الإمام الشافعي عن الإمام مالك عن كعب بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه " وهذا إسناد عظيم ومتن قويم وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " إن أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر تسرح في رياض الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش " ( الحديث مخرج في الصحيحين ) الحديث . وروى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال : " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " قال : فأكب القوم يبكون فقال : " ما يبكيكم ؟ " فقالوا : إنا نكره الموت قال : " ليس ذاك ولكنه إذا احتضر { فأما إن كان من المقربين ... فروح وريحان وجنة نعيم } فإذا بشر بذلك أحب لقاء الله D والله D للقائه أحب { وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم } فإذا بشر بذلك كره لقاء الله والله تعالى للقائه أكره " ( أخرجه الإمام أحمد في المسند ) .
وقوله تعالى : { وأما إن كان من أصحاب اليمين } أي وأما إن كان المحتضر من أصحاب اليمين { فسلام لك من أصحاب اليمين } أي تبشرهم الملائكة بذلك تقول لأحدهم : سلام لك أي لابأس عليك أنت إلى سلامة أنت من أصحاب اليمين وقال قتادة : سلم من عذاب الله وسلمت عليه ملائكة الله كما قال عكرمة تسلم عليه الملائكة وتخبره أنه من أصحاب اليمين وهذا معنى حسن ويكون ذلك كقول الله تعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون } . وقوله تعالى : { وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم } أي وأما إن كان المحتضر من المكذبين بالحق الضالين عن الهدى { فنزل } أي فضيافة { من حميم } وهو المذاب الذي يصهر به ما في بطونهم والجلود { وتصلية جحيم } أي وتقرير له في النار التي تغمره من جميع جهاته ثم قال تعالى : { إن هذا لهو حق اليقين } أي إن هذا الخبر لهو حق اليقين الذي لا مرية فيه ولا محيد لأحد عنه { فسبح باسم ربك العظيم } . قال الإمام أحمد عن عقبة بن عامر الجهني قال : لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم { فسبح باسم ربك العظيم } قال : " اجعلوها في ركوعكم " ولما نزلت : { سبح اسم ربك الأعلى } قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " اجعلوها في سجودكم " ( أخرجه الإمام أحمد في المسند ) وفي الحديث : " من قال سبحان ربي العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة " ( رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي : حسن غريب ) . وروى البخاري في آخر صحيحه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم "