28 - يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم .
- 29 - لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .
عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين : رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي فله أجران وعبد مملوك أدى حق الله وحق مواليه فله أجران ورجل أدب أمته فأحسن تأيبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران " ( أخرجه البخاري ومسلم ) . وقال سعيد بن جبير : لما افتخر أهل الكتاب بأنهم يؤتون أجرهم مرتين أنزل .
الله تعالى عليه هذه الآية في حق هذه الأمة : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين } أي ضعفين { من رحمته } وزادهم { ويجعل لكم نورا تمشون به } يعني هدى يتبصر به من العمى والجهالة { ويغفر لكم } ففضلهم بالنور والمغفرة . وهذه الآية كقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم } ومما يؤيد هذا القول ما رواه الإمام أحمد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " مثلكم ومثل اليهود والنصارى كمثل رجل استعمل عمالا فقال : من يعمل لي من صلاة الصبح إلى نصف النهار على قيراط قيراط ؟ ألا فعملت اليهود ثم قال : من يعمل لي من صلاة الظهر إلى صلاة العصر على قيراط قيراط ؟ ألا فعملت النصارى ثم قال : من يعمل لي من صلاة العصر إلى غروب الشمس على قيراطين قيراطين ؟ ألا فأنتم الذين عملتم فغضبت النصارى واليهود وقالوا : نحن أكثر عملا وأقل عطاء قال : هل ظلمتكم من أجركم شيئا ؟ قالوا : لا قال : فإنما هو فضلي أوتيه من أشاء " ( أخرجه الإمام أحمد ) . وروى البخاري عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استعمل قوما يعملون له عملا يوما إلى الليل على أجر معلوم فعملوا إلى نصف النهار فقالوا : لا حاجة لنا في أجرك الذي شرطت لنا وما عملنا باطل فقال لهم : لا تفعلوا أكملوا بقية عملكم وخذوا أجركم كاملا فأبوا وتركوا واستأجر آخرين بعدهم فقال : أكملوا يومكم ولكم الذي شرطت لهم من الأجر فعملوا حتى إذا كان حين صلوا العصر قالوا : ما عملنا باطل ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه فقال : أكملوا بقية عملكم فإنما بقي من النهار شيء يسير فأبوا فاستأجر قوما أن يعملوا له بقية يومهم فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس فاستكملوا أجرة الفريقين كليهما فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور " ( رواه البخاري في صحيحه ) . ولهذا قال تعالى : { لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله } أي ليتحققوا أنهم لا يقدرون على رد ما أعطاه الله ولا إعطاء ما منع الله . { وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم } . قال ابن جرير : { لئلا يعلم أهل الكتاب } أي ليعلم وعن ابن مسعود أنه قرأها : لكي يعلم لأن العرب تجعل ( لا ) صلة في كل كلام دخل أوله أو آخره جحد غير مصرح فالسابق كقوله : { ما منعك ألا تسجد } { وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون }