14 - ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون .
- 15 - أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون .
- 16 - اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين .
- 17 - لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
- 18 - يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون .
- 19 - استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون .
يقول الله تعالى منكرا على المنافقين في موالاتهم الكفار في الباطن وهم في نفس الأمر لا معهم ولا مع المؤمنين كما قال تعالى : { مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء } وقال ههنا : { ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم } يعني اليهود الذين كان المنافقون يمالئونهم ويوالونهم في الباطن ثم قال تعالى : { ما هم منكم ولامنهم } أي هؤلاء المنافقون ليسوا في الحقيقة منكم أيها المؤمنون ولا من الذين يوالونهم وهم اليهود ثم قال تعالى : { ويحلفون على الكذب وهم يعلمون } يعني المنافقين يحلفون على الكذب وهم عالمون بأنهم كاذبون فيما حلفوا وهي اليمين الغموس ولا سيما في مثل حالهم اللعين عياذا بالله منه فإنهم كانوا إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا جاءوا الرسول حلفوا له أنهم مؤمنون وهم في ذلك يعلمون أنهم يكذبون فيما حلفوا به لأنهم لا يعتقدون صدق ما قالوه وإن كان في نفس الأمر مطابقا ولهذا شهد الله بكذبهم في أيمانهم وشهادتهم لذلك ثم قال تعالى : { أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون } أي أرصد الله لهم على هذا الصنيع العذاب الأليم على أعمالهم السيئة وهي موالاة الكافرين ونصحهم ومعاداة المؤمنين وغشهم ولهذا قال تعالى : { اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله } أي أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر واتقوا بالأيمان الكاذبة فظن كثير ممن لا يعرف حقيقة أمرهم صدقهم فاغتر بهم فحصل بهذا صد عن سبيل الله لبعض الناس { فلهم عذاب مهين } أي في مقابلة ما امتهنوا من الحلف باسم الله العظيم في الأيمان الكاذبة الحانثة ثم قال تعالى : { لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا } أي لن يدفع ذلك عنهم بأسا إذا جاءهم : { أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } ثم قال تعالى : { يوم يبعثهم الله جميعا } أي يحشرهم يوم القيامة عن آخرهم فلا يغادر منهم أحدا { فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء } أي يحلفون بالله D أنهم كانوا على الهدى والاستقامة كما كانوا يحلفون للناس في الدنيا لأن من عاش على شيء مات عليه وبعث عليه ويعتقدون أن ذلك ينفعهم عند الله كما كان ينفعهم عند الناس فيجرون عليهم الأحكام الظاهرة ولهذا قال : { ويحسبون أنهم على شيء } أي حلفهم ذلك لربهم D ثم قال تعالى منكرا عليهم حسبانهم { ألا إنهم هم الكاذبون } فأكد الخبر عنهم بالكذب روى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أن ابن عباس حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان في ظل حجرة من حجره وعنده نفر من المسلمين قد كاد يقلص عنهم الظل قال : " إنه سيأتيكم إنسان ينظر بعيني شيطان فإذا أتاكم فلا تكلموه " . فجاء رجل أزرق فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : " علام تشتمني أنت وفلان وفلان " نفر دعاهم بأسمائهم قال فانطلق الرجل فدعاهم فحلفوا له واعتذروا إليه قال : فأنزل الله D : { فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء إلا إنهم هم الكاذبون } ( أخرجه ابن أبي حاتم ورواه أحمد وابن جرير ) ثم قال تعالى : { استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله } أي استحوذ على قلوبهم الشيطان حتى أنساهم أن يذكروا الله D وكذلك يصنع بمن استحوذ عليه ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لاتقام فيهم الصلاة إلا وقد استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية " ( أخرجه أبو داود عن أبي الدرداء مرفوعا ) . قال السائب : يعني الصلاة في الجماعة ثم قال تعالى : { أولئك حزب الشيطان } يعني الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ثم قال تعالى : { ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون }