6 - وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير .
- 7 - ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب .
الفيء كل مال أخذ من الكفار من غير قتال ولا إيجاف خيل ولا ركاب كأموال بني النضير هذه فإنها مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب أي لم يقاتلوا الأعداء فيها بالمبارزة والمصاولة بل نزل أولئك من الرعب الذي ألقى الله في قلوبهم فأفاءه الله على رسوله ولهذا تصرف فيه كما يشاء فرده على المسلمين في وجوه البر والمصالح التي ذكرها الله D في هذه الآيات فقال تعالى : { وما أفاء الله على رسوله منهم } أي من بني النضير { فما أوجفتم .
عليه من خيل ولا ركاب } يعني الإبل { ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير } أي هو قدير لا يغالب ولا يمانع بل هو القاهر لكل شيء ثم قال تعالى : { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى } أي جميع البلدان التي تفتح هكذا فحكمها حكم بني النضير ولهذا قال تعالى : { فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل } إلى آخرها والتي بعدها فهذه مصارف أموال الفيء ووجوهه .
روى الإمام أحمد عن عمر Bه قال : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلّم خالصة فكان ينفق على أهله منها نفقة سنته وما بقي جعله في الكراع والسلاح في سبيل الله D . وقوله تعالى : { كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم } أي جعلنا هذه المصارف لمال الفيء كيلا يبقى مأكلة يتغلب عليها الأغنياء ويتصرفون فيها بمحض الشهوات والآراء ولا يصرفون منه شيئا إلى الفقراء .
وقوله تعالى : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } أي مهما أمركم به فافعلوه ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه فإنه إنما يأمر بخير وإنما ينهى عن شر . عن مسروق قال : جاءت امرأة إلى ابن مسعود فقالت : بلغني أنك تنهى عن الواشمة والواصلة أشيء وجدته في كتاب الله تعالى أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ؟ قال : بلى شيء وجدته في كتاب الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قالت : والله لقد تصفحت ما بين دفتي المصحف فما وجدت فيه الذي تقول قال : فما وجدت فيه : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } ؟ قالت بلى قال : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم ينهى عن الواصلة والواشمة والنامصة قالت : فلعله في بعض أهلك قال : فادخلي فانظري فدخلت فنظرت ثم خرجت قالت : ما رأيت بأسا فقال لها : أما حفظت وصية العبد الصالح : { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } ؟ ( رواه ابن أبي حاتم ) . وقال الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود قال : لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله D . قال : فبلغ امرأة من بني أسد في البيت يقال لها أم يعقوب فجاءت إليه فقالت : بلغني أنك قلت كيت وكيت قال : مالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وفي كتاب الله تعالى ؟ فقالت : إني لأقرأ ما بين لوحيه فما وجدته فقال : إن كنت قرأيته فقد وجدتيه أما قرأت : { وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } قالت : بلى ؟ قال : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلّم نهى عنه قالت : إني لأظن أهلك يفعلونه قال : اذهبي فانظري فذهبت فلم تر من حاجتها شيئا فجاءت فقالت : ما رأيت شيئا قال : لو كان كذا لم تجامعنا ( أخرجه الشيخان وأحمد ) . وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه " ( أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي هريرة ) . وقوله تعالى : { واتقوا الله إن الله شديد العقاب } أي اتقوه في امتثال أوامره وترك زواجره فإنه شديد العقاب لمن عصاه وخالف أمره وأباه وارتكب ما عنه زجره ونهاه