7 - عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم .
- 8 - لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين .
- 9 - إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون .
يقول تعالى لعباده المؤمنين بعد أن أمرهم بعدواة الكافرين : { عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة } أي محبة بعد البغضة ومودة بعد النفرة وألفة بعد الفرقة { والله قدير } أي على ما يشاء من الجمع بين الأشياء المتنافرة والمختلفة فيؤلف بين القلوب بعد العدواة والقساوة فتصبح مجتمعة متفقة كما قال تعالى ممتنا على الأنصار : { واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا } وكذا قال لهم النبي صلى الله عليه وسلّم : " ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي وكنتم متفرقين فألفكم الله بي ؟ " وقال الله تعالى : { لو أنفقت ما .
في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم } وفي الحديث : " أحبب حبيبك هونا ما فعسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما فعسى أن يكون حبيبك يوما ما " .
وقوله تعالى : { والله غفور رحيم } أي يغفر للكافرين كفرهم إذا تابوا منه وأنابوا إلى ربهم وأسلموا له وهو الغفور الرحيم بكل من تاب إليه من أي ذنب كان وعن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم استعمل أبا سفيان صخر بن حرب على بعض اليمن فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلّم أقبل فلقي ذا الخمار مرتدا فقاتله فكان أول من قاتل في الردة وجاهد عن الدين قال ابن شهاب : وهو ممن أنزل الله فيه : { عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة } ( أخرجه ابن أبي حاتم ) الآية وقوله تعالى : { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم } أي لا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين كالنساء والضعفة منهم { أن تبروهم } أي تحسنوا إليهم { وتقسطوا إليهم } أي تعدلوا { إن الله يحب المقسطين } . عن أسماء بنت أبي بكر Bهما قالت : قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا فأتيت النبي صلى الله عليه وسلّم فقلت : يا رسول الله إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها ؟ قال : " نعم صلي أمك " ( أخرجه الشيخان والإمام أحمد ) . وقال الإمام أحمد حدثنا عارم حدثنا عبد الله بن المبارك حدثنا مصعب ابن ثابت حدثنا عن عبد الله بن الزبير قال : قدمت قتيلة على ابنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا ضباب وقرظ وسمن وهي مشركة فأبت أسماء أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلّم فأنزل الله تعالى : { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين } إلى آخر الآية فأمرها أن تقبل هديتها وأن تدخلها بيتها ( رواه أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم ) وقوله تعالى : { إن الله يحب المقسطين } في الحديث الصحيح : " المقسطون على منابر من نور عن يمين العرش الذين يعدلون في حكمهم وأهاليهم وما ولوا " . وقوله تعالى : { إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم } أي إنما ينهاكم عن موالاة هؤلاء الذين ناصبوكم بالعداوة فقاتلوكم وأخرجوكم وعاونوا على إخراجكم ينهاكم الله عز ووجل عن موالاتهم ويأمركم بمعاداتهم ثم أكد الوعيد على موالاتهم فقال : { ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون } كقوله تعالى : { ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين }