1 - يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم .
- 2 - هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة .
وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين .
- 3 - وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم .
- 4 - ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .
يخبر تعالى أنه يسبح له ما في السماوات وما في الأرض أي من جميع المخلوقات ناطقها وجامدها كما قال تعالى : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } ثم قال تعالى { الملك القدوس } أي هو مالك السماوات والأرض المتصرف فيها بحكمه وهو المقدس أي المنزه عن النقائص الموصوف بصفات الكمال { العزيز الحكيم } وقوله تعالى : { هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم } الأميون : هم العرب كما قال تعالى : { وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم } ؟ وتخصيص الأميين بالذكر لا ينفي من عداهم ولكن المنة عليهم أبلغ وأكثر كما قال تعالى : { وإنه لذكر لك ولقومك } وهو ذكر لغيرهم يتذكرون به وهذه الآية هي مصداق إجابة الله لخليله إبراهيم حين دعا لأهل مكة أن يبعث الله فيهم رسولا منهم فبعثه الله تعالى على حين فترة من الرسل وطموس من السبل وقد اشتدت الحاجة إليه ولهذا قال تعالى : { هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } وذلك أن العرب كانوا متمسكين بدين إبراهيم الخليل عليه السلام فبدلوه وغيروه . واستبدلوا بالتوحيد شركا وباليقين شكا وابتدعوا أشياء لم يأذن بها الله وكذلك أهل الكتاب قد بدلوا كتبهم وحرفوها وغيروها وأولوها فبعث الله محمدا صلوات الله وسلامه عليه بشرع عظيم كامل شامل فيه هدايته والبيان لجميع ما يحتاج الناس إليه من أمر معاشهم ومعادهم وجمع له تعالى جميع المحاسن ممن كان قبله وأعطاه ما لم يعط أحدا من الأولين ولا يعيطه أحدا من الآخرين فصلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين وقوله تعالى : { وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم } . روى الإمام البخاري عن أبي هريرة Bه قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلّم فأنزلت عليه سورة الجمعة { وآخرين منهم لما يلحقوا بهم } قالوا : من هم يا رسول الله ؟ فلم يراجعهم حتى سئل ثلاثا وفينا سلمان الفارسي فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يده على سلمان الفارسي ثم قال : " لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال - أو رجل - من هؤلاء " ( أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ) . ففي هذا الحديث دليل على عموم بعثته صلى الله عليه وسلّم إلى جميع الناس لأنه فسر قوله تعالى : { وآخرين منهم } بفارس ولهذا قال مجاهد في قوله تعالى : { وآخرين منهم لما يلحقوا بهم } قال : هم الأعاجم وكل من صدق النبي صلى الله عليه وسلّم من غير العرب وقوله تعالى : { وهو العزيز الحكيم } أي ذو العزة والحكمة في شرعه وقدره وقوله تعالى : { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم } يعني ما أعطاه الله محمدا صلى الله عليه وسلّم من النبوة العظيمة . وما خص به أمته من بعثه صلى الله عليه وسلّم إليهم