6 - أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى .
- 7 - لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا .
يقول تعالى آمرا عباده إذا طلق أحدهم المرأة أن يسكنها في منزل حتى تنقضي عدتها فقال : { أسكنوهن من حيث سكنتم } أي عندكم { من وجدكم } قال ابن عباس : يعني سعتكم وقال قتادة : إن لم تجد إلا جنب بيتك فأسكنها فيه وقوله تعالى : { ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن } قال مقاتل بن حيان : يعني يضاجرها لتفتدي منه بمالها أو تخرج من مسكنه وقال الثوري : يطلقها فإذا بقي يومان راجعها وقوله تعالى : { وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن } قال كثير من العلماء : هذه في البائن إن كانت حاملا أنفق عليها حتى تضع حملها قالوا : بدليل أن الرجعية تجب نفقتها سواء كانت حاملا أو حائلا وقال آخرون : بل السياق كله في الرجعيات وإنما نص على الانفاق على أن الحامل وإن كانت رجعية لأن الحمل تطول مدته غالبا فاحتيج إلى النص على وجوب الانفاق إلى الوضع لئلا يتوهم أنه إنما تجب النفقة بمقدار مدة العدة وقوله تعالى : { فإن أرضعن لكم } أي إذا وضعن حملهن وهن طوالق فقد بن بانقضاء عدتهن فإن أرضعت استحقت أجر مثلها ولهذا قال تعالى : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } وقوله تعالى : { وائتمروا بينكم بمعروف } أي ولتكن أموركم فيما بينكم بالمعروف من غير إضرار ولا مضارة كما قال تعالى : { ولا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده } وقوله تعالى : { وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى } أي وإن اختلف الرجل والمرأة فطلبت المرأة في أجرة الرضاع كثيرا ولم يجبها الرجل إلى ذلك أو بذل الرجل قليلا ولم توافقه عليه فليسترضع له غيرها فلو رضيت الأم بما استؤجرت به الأجنبية فهي أحق بولدها وقوله تعالى : { لينفق ذو سعة من سعته } أي لينفق على المولود والده أو وليه بحسب قدرته { ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها } كقوله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } روى ابن جرير عن أبي سنان قال : سأل عمر بن الخطاب عن أبي عبيدة فقيل : إنه يلبس الغليظ من الثياب ويأكل أخشن الطعام فبعث إليه بألف دينار وقال للرسول : انظر ما يصنع بها إذا هو أخذها ؟ فما لبث أن لبس اللين من الثياب وأكل أطيب الطعام فجاءه الرسول فأخبره فقال C تعالى : تأول هذه الآية { لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله } وقوله تعالى : { سيجعل الله بعد عسر يسرا } وعد منه تعالى ووعده حق لا يخلفه وهذه كقوله تعالى : { فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا } وقد روى الإمام أحمد عن أبي هريرة قال : دخل رجل على أهله فلما رأى ما بهم من الحاجة خرج إلى البرية فلما رأت امرأته قامت إلى الرحى فوضعتها وإلى التنور فسجرته ثم قالت : اللهم ارزقنا فنظرت فإذا الجفنة قد امتلأت قال وذهبت إلى التنور فوجدته ممتلئا قال فرجع الزوج فقال : أصبتم بعدي شيئا ؟ قالت امرأته : نعم من ربنا فأم إلى الرحى فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلّم فقال النبي صلى الله عليه وسلّم : " أما إنه لو لم ترفعها لم تزل تدور إلى يوم القيامة " ( أخرجه الإمام أحمد )