31 - وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر .
- 32 - كلا والقمر .
- 33 - والليل إذ أدبر .
- 34 - والصبح إذا أسفر .
- 35 - إنها لإحدى الكبر .
- 36 - نذيرا للبشر .
- 37 - لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر .
يقول تعالى : { وما جعلنا أصحاب النار } أي خزانها { إلا ملائكة } أي زبانية غلاظا شدادا وذلك رد على مشركي قريش حين ذكر عدد الخزنة فقال أبو جهل : يا معشر قريش أما يستطيع كل عشرة منكم لواحد منهم فتغلبونهم فقال الله تعالى : { وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة } أي شديدي الخلق لا يقاومون ولا يغالبون وقد قيل : إن ( أبا الأشدين ) قال : يا معشر قريش اكفوني منهم اثنين وأنا أكفيكم منهم سبعة عشر إعجابا منه بنفسه وكان قد بلغ من القوة فبما يزعمون أنه كان يقف على جلد البقرة ويجاذبه عشرة لينزعوه من تحت قدميه فيتمزق الجلد ولا يتزحزح عنه قال السهيلي : وهو الذي دعا رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى مصارعته وقال : إن صرعتني آمنت بك فصرعه النبي صلى الله عليه وسلّم مرارا فلم يؤمن ( نسب ابن اسحاق خبر المصارعة إلى ركانة بن عبد يزيد قال ابن كثير ولا منافاة بين ما ذكراه والله أعلم ) وقوله تعالى : { وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا } أي إنما ذكرنا عدتهم أنهم تسعة عشر اختبارا منا للناس { ليستيقن الذين أوتوا الكتاب } أي يعلمون أن هذا الرسول حق فإنه نطق بمطابقة ما بأيديهم من الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء قبله وقوله تعالى : { ويزداد الذين آمنوا إيمانا } أي إلى إيمانهم بما يشهدون من صدق أخبار نبيهم صلى الله عليه وسلّم { ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض } أي من المنافقين { والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا } ؟ أي يقولون ما الحكمة في ذكر هذا ههنا ؟ قال الله تعالى : { كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء } وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة وقوله تعالى : { وما يعلم جنود ربك إلا هو } أي ما يعلم عددهم وكثرتهم إلا هو تعالى لئلا يتوهم أنهم تسعة عشر فقط وقد ثبت في حديث الإسراء في صفة البيت المعمور الذي في السماء السابعة : " فإذا هو يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه آخر ما عليهم " ( أخرجه في الصحيحين ) .
وروى الإمام أحمد عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا عليه ملك ساجد لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ولا تلذذتم بالنساء على الفرشات ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى " فقال أبو ذر : والله لوددت أني شجرة تعضد ( أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة وقال الترمذي : حسن غريب ) وعن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف إلا وفيه ملك قائم أو ملك ساجد أو ملك راكع فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعا سبحانك ما عبدناك حق عبادتك إلا أنا لم نشرك بك شيئا " ( أخرجه الحافظ الطبراني ) . وعن ابن مسعود أنه قال : إن .
من السماوات سماء ما فيها موضع شبر إلا وعليه جبهة ملك أو قدماه قائم ثم قرأ : { وإنا لنحن الصافون ... وإنا لنحن المسبحون } ( أخرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة ) . وروى محمد بن نصر عن عباد بن منصور قال : سمعت عدي بن أرطأة وهو يخطبنا على منبر المدائن قال : سمعت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " إن لله تعالى ملائكة ترعد فرائضهم من خيفته ما منهم ملك تقطر منه دمعة من عينه إلا وقعت على ملك يصلي وإن منهم ملائكة سجودا منذ خلق السماوات والأرض لم يرفعوا رؤوسهم ولا يرفعونها إلى يوم القيامة فإذا رفعوا رؤوسهم نظروا إلى وجه الله D قالوا : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك " ( أخرجه محمد بن نصر قال ابن كثير : إسناده لا بأس به ) . وقوله تعالى : { وما هي إلا ذكرى للبشر } أي النار التي وصفت { إلا ذكرى للبشر } ثم قال تعالى : { كلا والقمر ... والليل إذ أدبر } أي ولى { والصبح إذا أسفر } أي أشرق { إنها لإحدى الكبر } أي العظائم يعني النار قاله ابن عباس ومجاهد { نذيرا للبشر ... لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر } أي لمن شاء أن يقبل النذارة ويهتدي للحق أو يتأخر عنها ويولي ويردها