17 - قتل الإنسان ما أكفره .
- 18 - من أي شيء خلقه .
- 19 - من نطفة خلقه فقدره .
- 20 - ثم السبيل يسره .
- 21 - ثم أماته فأقبره .
- 22 - ثم إذا شاء أنشره .
- 23 - كلا لما يقض ما أمره .
- 24 - فلينظر الإنسان إلى طعامه .
- 25 - أنا صببنا الماء صبا .
- 26 - ثم شققنا الأرض شقا .
- 27 - فأنبتنا فيها حبا .
- 28 - وعنبا وقضبا .
- 29 - وزيتونا ونخلا .
- 30 - وحدائق غلبا .
- 31 - وفاكهة وأبا .
- 32 - متاعا لكم ولأنعامكم .
يقول تعالى ذاما لمن أنكر البعث والنشور من بني آدم : { قتل الإنسان ما أكفره } قال ابن عباس : لعن الإنسان وهذا الجنس الإنسان المكذب لكثرة تكذيبه { ما أكفره } أي ما أشد كفره وقال ابن جرير : ويحتمل أن يكون المراد أي شيء جعله كافرا أي ما حمله على التكذيب بالمعاد ؟ وقال قتادة : { ما أكفره } ما ألعنه ثم بين تعالى له كيف خلقه من الشيء الحقير وأنه قادر على إعادته كما بدأه فقال تعالى : { من أي شيء خلقه ؟ من نطفة خلقه فقدره } أي قدر أجله ورزقه وعمله وشقي أو سعيد { ثم السبيل يسره } قال ابن عباس : ثم يسر عليه خروجه من بطن أمه ( وهو قول عكرمة والضحاك وقتادة والسدي واختاره ابن جرير ) وقال مجاهد : هذه كقوله تعالى : { إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا } أي بيناه له وأوضحناه وسهلنا عليه علمه وهذا هو الأرجح والله أعلم وقوله تعالى : { ثم أماته فأقبره } أي أنه بعد خلقه له { أماته فأقبره } أي جعله ذا قبر والعرب تقول قبرت الرجل إذا ولي ذلك منه . وأقبره الله وطردت عني فلانا وأطرده الله أي جعله طريدا وقوله تعالى : { ثم إذا شاء أنشره } أي بعثه بعد موته ومنه يقال البعث والنشور عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " يأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه " قيل : وما هو يا رسول الله ؟ قال : " مثل حبة خردل منه تنشأون " ( أخرجه ابن أبي حاتم ) وهذا الحديث ثابت في الصحيحين بدون هذه الزيادة ولفظه : " كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب " ( أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة ) وقوله تعالى : { كلا لما يقض ما أمره } قال ابن جرير : يقول جل ثناؤه كلا ليس الأمر كما يقول هذا الإنسان الكافر من أنه قد أدى حق الله عليه في نفسه وماله { لما يقض ما أمره } يقول : لم يؤد ما فرض عليه من الفرائض لربه D عن مجاهد قال : لا يقضي أحد أبدا كل ما افترض عليه .
وقوله تعالى : { فلينظر الإنسان إلى طعامه } فيه امتنان وفيه استدلال بإحياء النبات من الأرض الهامدة على إحياء الأجسام بعدما كانت عظاما بالية وترابا متمزقا { أنا صببنا الماء صبا } أي أنزلناه من السماء على الأرض { ثم شققنا الأرض شقا } أي أسكناه فيها فيدخل في تخومها فنبت وارتفع وظهر على وجه الأرض { فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا } فالحب كل ما يذكر من الحبوب والعنب معروف والقضب هو الفصفصة التي تأكلها الدواب رطبة ويقال لها القت أيضا . قال ذلك ابن عباس وقتادة وقال الحسن البصري : القضب العلف { وزيتونا } وهو معروف وهو أدم وعصيره أدم ويستصبح به ويدهن به { ونخلا } يؤكل بلحا وبسرا ورطبا وتمرا ونيئا ومطبوخا ويعتصر منه رب وخل . { وحدائق غلبا } أي بساتين قال الحسن وقتادة : غلبا نخل غلاظ كرام وقال ابن عباس ومجاهد : كل ما التف واجتمع وقال ابن عباس أيضا { غلبا } الشجر الذي يستظل به وقال عكرمة : { غلبا } أي غلاظ الأوساط وقوله تعالى : { وفاكهة وأبا } أما الفاكهة فكل ما يتفكه به من الثمار قال ابن عباس : الفاكهة كل ما أكل رطبا والأب ما أنبت الأرض مما تأكله الدواب ولا يأكله الناس وفي رواية عنه : هو الحشيش للبهائم وقال مجاهد : الأب الكلأ وعن مجاهد والحسن : الأب للبهائم كالفاكهة لبني آدم وعن عطاء كل شيء نبت على وجه الأرض فهو أب وقال الضحاك : كل شيء أنبتته الأرض سوى الفاكهة فهو الأب . وقال العوفي عن ابن عباس : الأب : الكلأ والمرعى . روي أن عمر بن الخطاب Bه قرأ { عبس وتولى } فلما أتى على هذه الآية : { وفاكهة وأبا } قال : قد عرفنا الفاكهة فما الأب ؟ فقال لعمرك يا ابن الخطاب إن هذا لهو التكلف ( رواه ابن جرير وإسناده صحيح كما قال ابن كثير ) وهذا محمول على أنه أراد أن يعرف شكله وجنسه وعينه وإلا فهو يعلم أنه من نبات الأرض لقوله : { فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا } . وقوله تعالى : { متاعا لكم ولأنعامكم } أي عيشة لكم ولأنعامكم في هذه الدار إلى يوم القيامة