15 - فلا أقسم بالخنس .
- 16 - الجوار الكنس .
- 17 - والليل إذا عسعس .
- 18 - والصبح إذا تنفس .
- 19 - إنه لقول رسول كريم .
- 20 - ذي قوة عند ذي العرش مكين .
- 21 - مطاع ثم أمين .
- 22 - وما صاحبكم بمجنون .
- 23 - ولقد رآه بالأفق المبين .
- 24 - وما هو على الغيب بضنين .
- 25 - وما هو بقول شيطان رجيم .
- 26 - فأين تذهبون .
- 27 - إن هو إلا ذكر للعالمين .
- 28 - لمن شاء منكم أن يستقيم .
- 29 - وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين .
{ فلا أقسم بالخنس ... الجوار الكنس } قال علي : هي النجوم تخنس بالنهار وتظهر بالليل . وروى ابن جرير عن خالد بن عرعرة سمعت عليا وسئل عن { لا أقسم بالخنس ... الجوار الكنس } فقال : هي النجوم تخنس بالنهار وتظهر بالليل ( أخرجه ابن جرير ) وكذا روي عن ابن عباس ومجاهد والحسن : أنها النجوم وقال بعض الأئمة : إنما قيل للنجوم الخنس أي في حال طلوعها ثم هي جوار في فلكها وفي حال غيبوبتها يقال لها كنس من قول العرب : أوى الظبي إلى كناسه إذا تغيب فيه وروى الأعمش عن عبد الله { فلا أقسم بالخنس } قال : بقر الوحش وقال ابن عباس { الجوار الكنس } البقر تكنس إلى الظل وقال العوفي عن ابن عباس : هي الظباء ( وكذا قال سعيد بن جبير ومجاهد والضحاك ) وقال أبو الشعثاء : هي الظباء والبقر وتوقف ابن جرير في المراد بقوله : { الخنس الجوار الكنس } هل هو النجوم أو الظباء أو بقر الوحش ؟ قال : ويحتمل أن يكون الجميع مرادا وقوله تعالى : { والليل إذا عسعس } فيه قولان ( أحدهما ) : إقباله بظلامه قال مجاهد : أظلم : وقال سعيد بن جبير : إذا نشأ وقال الحسن البصري : إذا غشي الناس ( والثاني ) : إدباره قال ابن عباس : { إذا عسعس } إذا أدبر وكذا قال مجاهد وقتادة والضحاك { إذا عسعس } أي إذا ذهب فتولى وقد اختار ابن جرير أن المراد بقوله : { إذا عسعس } إذا أدبر قال لقوله تعالى : { والصبح إذا تنفس } أي أضاء واستشهد بقول الشاعر أيضا : .
حتى إذا الصبح له تنفسا ... وانجاب عنها ليلها وعسعسا .
أي أدبر وعندي أن المراد بقوله : { إذا عسعس } إذا أقبل وإن كان يصح استعماله في الإدبار أيضا لكن الإقبال ههنا أنسب كأنه أقسم بالليل وظلامه إذا أقبل وبالفجر وضيائه إذا أشرق كما قال تعالى : { والليل إذا يغشى ... والنهار إذا تجلى } وقال تعالى : { والضحى ... والليل إذا سجى } وقال تعالى : { فالق الاصباح وجعل الليل سكنا } وغير ذلك من الآيات وقوله تعالى : { والصبح إذا تنفس } قال الضحاك : إذا طلع وقال قتادة : إذا أضاء وأقبل وقال سعيد بن جبير : إذا نشأ وقال ابن جرير : يعني ضوء النهار إذا أقبل وتبين .
وقوله تعالى : { إنه لقول رسول كريم } يعني إن هذا القرآن لتبليغ رسول كريم أي ملك شريف حسن الخلق بهي المنظر وهو ( جبريل ) E { ذي قوة } كقوله تعالى : { علمه شديد القوى ... ذو مرة } أي شديد الخلق شديد البطش والفعل { عند ذي العرش مكين } أي له مكانة عند الله D ومنزلة رفيعة { مطاع ثم } أي له وجاهة وهو مسموع القول مطاع في الملأ الأعلى قال قتادة : { مطاع ثم } أي في السموات يعني ليس هو من أفناد ( أفناد : جماعات ) الملائكة بل هو من السادة والأشراف معتنى به انتخب لهذه الرسالة العظيمة وقوله تعالى : { أمين } صفة لجبريل بالأمانة وهذا عظيم جدا أن الرب D يزكي عبده ورسوله الملكي جبريل كما زكى عبده ورسوله البشري محمدا صلى الله عليه وسلّم بقوله تعالى : { وما صاحبكم بمجنون } قال الشعبي وميمون : المراد بقوله { وما صاحبكم بمجنون } يعني محمدا صلى الله عليه وسلّم وقوله تعالى : { ولقد رآه بالأفق المبين } يعني ولقد رأى محمد ( جبريل ) الذي يأتيه بالرسالة عن الله D على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح { بالأفق المبين } أي البين وهي الرؤية الأولى كانت بالبطحاء وهي المذكورة في قوله : { علمه شديد القوى ... ذو مرة فاستوى ... وهو بالأفق الأعلى } والظاهر أن هذه السورة نزلت قبل ليلة الإسراء لإنه لم يذكر فيها إلا هذه الرؤية وهي الأولى وأما الثانية وهي المذكورة في قوله تعالى : { ولقد رآه نزلة أخرى ... عند سدرة المنتهى ... عندها جنة المأوى ... إذ يغشى السدرة ما يغشى } فتلك إنما ذكرت في سورة النجم وقد نزلت بعد سورة الإسراء وقوله تعالى : { وما هو على الغيب بظنين } أي بمتهم ومنهم من قرأ ذلك بالضاد أي ببخيل بل يبذله لكل أحد . قال سفيان بن عيينة : ( ظنين ) و ( ضنين ) سواء أي ما هو بفاجر و ( الظنين ) المتهم و ( الضنين ) البخيل وقال قتادة : كان القرآن غيبا فأنزله الله على محمد فما ضن به على الناس بل نشره وبلغه وبذله لكل من أراده واختار ابن جرير قراءة الضاد . ( قلت ) : وكلاهما متواتر ومعناه صحيح كما تقدم وقوله تعالى : { وما هو بقول شيطان رجيم } أي وما هذا القرآن بقول شيطان رجيم أي لا يقدر على حمله ولا يريده ولا ينبغي له كما قال تعالى : { وما تنزلت به الشياطين ... وما ينبغي لهم وما يستطيعون ... إنهم عن السمع لمعزولون } . وقوله تعالى : { فأين تذهبون } ؟ فأين تذهب عقولكم في تكذيبكم بهذا القرآن مع ظهوره ووضوحه وبيان كونه حقا من عند الله D كما قال الصديق Bه لوفد بني حنيفة حين قدموا مسلمين وأمرهم فتلوا عليه شيئا من قرآن مسيلمة الكذاب الذي هو في غاية الهذيان والركاكة فقال : " ويحكم أين تذهب عقولكم ؟ والله إن هذا الكلام لم يخرج من إل " أي من إله وقال قتادة : { فأين تذهبون } أي عن كتاب الله وعن طاعته وقوله تعالى : { إن هو إلا ذكر للعالمين } أي هذا القرآن ذكر لجميع الناس يتذكرون به ويتعظون { لمن شاء منكم أن يستقيم } أي لمن أراد الهداية فعليه بهذا القرآن فإنه مناجاة له وهداية ولا هداية فيما سواه { وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين } أي ليست المشيئة موكولة إليكم بل ذلك كله تابع لمشيئة الله تعالى رب العالمين قال سفيان الثوري : لما نزلت هذه الآية : { لمن شاء منكم أن يستقيم } قال أبو جهل : الأمر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم فأنزل الله تعالى : { وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين }