94 - يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا .
روى أحمد عن ابن عباس قال : مر رجل من بني سليم بنفر من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم يرعى غنما له فسلم عليهم فقالوا : لا يسلم علينا إلا ليتعوذ منا فعمدوا إليه فقتلوه واتو بغنمه النبي صلى الله عليه وسلّم فنزلت هذه الآية : { يا أيها الذين آمنوا } إلى آخرها ( رواه أحمد والترمذي والحاكم ) وقال البخاري عن عطاء عن ابن عباس { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا } قال : قال ابن عباس : كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون فقال السلام عليكم فقتلوه وأخذوا غنيمته فأنزل الله في ذلك : { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا قال ابن عباس : عرض الدنيا تلك الغنيمة وقرأ ابن عباس ( السلام ) وقال الحافظ أبو بكر البزار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم سرية فيه ( المقداد بن الاسود ) فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا وبقي رجل له مال كثير ولم يبرح فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأهوى إليه المقداد فقتله فقال له رجل من أصحابه : أقتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله ؟ والله لأذكرن ذلك للنبي صلى الله عليه وسلّم فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلّم قالوا يا رسول الله إن رجلا شهد أن لا إله إلا الله فقتله المقداد فقال : " ادعوا لي المقداد يا مقداد أقتلت رجلا يقول لا إله إلا الله ؟ فكيف لك بلا إله إلا الله غدا ؟ " قال : فأنزل الله : { يا أيها الذين أمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم للمقداد : " كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار فأظهر إيمانه فقتلته وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة قبل " ( أخرجه الحافظ البزار من حديث ابن عباس ) وقوله : { فعند الله مغانم كثيرة } أي خير مما رغبتم فيه من عرض الحياة الدنيا الذي حملكم على قتل مثل هذا الذي ألقى إليكم السلام وأظهر لكم الإيمان فتغافلتم عنه واتهمتموه بالمصانعة والتقية لتبتغوا عرض الحياة الدنيا فما عند الله من الرزق الحلال خير لكم من مال هذا .
وقوله تعالى { كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم } أي قد كنتم من قبل هذه الحال كهذا الذي يسر إيمانه ويخفيه من قومه كما قال تعالى : { واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض } الآية . عن سعيد بن جبير في قوله : { كذلك كنتم من قبل } تستخفون بإيمانكم كما استخفى هذا الراعي بإيمانه وهذا اختيار ابن جرير وقال ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قوله : { كذلك كنتم من قبل } لم تكونوا مؤمنين { فمن الله عليكم } أي تاب عليكم فحلف أسامة لا يقتل رجلا يقول لا إله إلا الله بعد ذلك الرجل وما لقي من رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيه وقوله { فتبينوا } تأكيد لما تقدم وقوله : { إن الله كان بما تعملون خبيرا } قال سعيد بن جبير : هذا تهديد ووعيد