98 - وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون .
- 99 - وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون .
يقول تعالى : { وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة } يعني آدم عليه السلام كما قال : { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء } وقوله : { فمستقر ومستودع } اختلفوا في معنى ذلك : فعن ابن مسعود { فمستقر } : أي في الأرحام { ومستودع } أي في الأصلاب ( وهو قول كثير من السلف منهم ابن عباس ومجاهد وعطاء والنخعي والضحاك وقتاده والسدي وغيرهم ) وعن ابن مسعود وطائفة : فمستقر في الدنيا ومستودع حيث يموت وقال سعيد بن جبير : فمستقر في الأرحام وعلى ظهر الأرض وحيث يموت وقال الحسن البصري : المستقر الذي مات فاستقر به عمله وعن ابن مسعود : ومستودع في الدار الآخرة والقول الأول هو الأظهر والله أعلم . وقوله تعالى : { قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون } أي يفهمون ويعون كلام الله ومعناه وقوله تعالى : { وهو الذي أنزل من السماء ماء } أي بقدر مباركا ورزقا للعباد وإحياء وغياثا للخلائق رحمة من الله بخلقه { فأخرجنا به نبات كل شيء } كقوله : { وجعلنا من الماء كل شيء حي } { فأخرجنا منه خضرا } أي زرعا وشجرا أخضر ثم بعد ذلك نخلق فيه الحب والثمر . ولهذا قال تعالى : { نخرج منه حبا متراكبا } أي يركب بعضه على بعض كالسنابل ونحوها { ومن النخل من طلعها قنوان } أي جمع قنو وهي عذوق الرطب { دانية } أي قريبة من المتناول كما قال ابن عباس { قنوان دانية } يعني بالقنوان الدانية قصار النخل اللاصقة عذوقها بالأرض رواه ابن جرير .
وقوله تعالى : { وجنات من أعناب } أي ونخرج منه جنات من أعناب وهذان النوعان هما أشرف الثمار عند أهل الحجاز وربما كانا خيار الثمار في الدنيا كما امتن الله بهما على عباده في قوله تعالى : { ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا } وكان ذلك قبل تحريم الخمر وقال : { وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب } وقوله تعالى : { والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه } قال قتادة وغيره : متشابه في الورق والشكل قريب بعضه من بعض ومتخالف في الثمار شكلا وطعما وطبعا { انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه } أي نضجه قال البراء وابن عباس والضحاك وغيرهم أي فكروا في قدرة خالقه من العدم إلى الوجود بعد أن كان حطبا صار عنبا ورطبا وغير ذلك مما خلق سبحانه وتعالى من الألوان والأشكال والطعوم والروائح كقوله تعالى : { يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل } الآية ولهذا قال ها هنا : { إن في ذلكم } أيها الناس { لآيات } أي دلالات على كمال قدرة خالق هذه الأشياء وحمكته ورحمته { لقوم يؤمنون } أي يصدقون به ويتبعون رسله