160 - من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون .
وهذه الآية الكريمة مفصلة لما أجمل في الآية الأخرى وهي قوله : { من جاء بالحسنة فله خير منها } وقد وردت الأحاديث مطابقة لهذه الآية كما قال الإمام أحمد بن حنبل عن ابن عباس Bهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى : " إن ربكم D رحيم من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا إلى سبعمائة إلى أضعاف كثيرة ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له واحدة أو يمحوها الله D ولا يهلك على الله إلا هالك " ( رواه البخاري ومسلم والنسائي ) . وقال أحمد أيضا عن أبي ذر Bه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " يقول الله D من عمل حسنة فله عشر أمثالها وأزيد ومن عمل سيئة فجزاؤه مثلها أو أغفر ومن عمل قراب الأرض خطيئة ثم لقيني لا يشرك بي شيئا جعلت له مثلها مغفرة ومن اقترب إلي شبرا اقتربت إليه ذراعا ومن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة " ( رواه مسلم وابن ماجه ) . عن أنس ابن مالك Bه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب عليه شيء فإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة " ( رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي ) واعلم أن تارك السيئة الذي لا يعملها على ثلاثة أقسام : تارة يتركها لله فهذا تكتب له حسنة على كفه عنها لله تعالى وهذا عمل ونية ولهذا جاء أنه يكتب له حسنة كما جاء في بعض ألفاظ الصحيح فإنما تركها من جرائي أي من أجلي وتارة يتركها نسيانا وذهولا عنها فهذا لا له ولا عليه لأنه لم ينو خيرا ولا فعل شرا وتارة يتركها عجزا وكسلا عنها بعد السعي في أسبابها والتلبس بما يقرب منها فهذا بمنزلة فاعلها كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال : " إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار " قالوا : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : " إنه كان حريصا على قتل صاحبه " ( رواه البخاري ومسلم ) .
وعن خريم بن فاتك الأسدي أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " إن الناس أربعة والأعمال ستة . فالناس موسع له في الدنيا والآخرة وموسع له في الدنيا مقتور عليه في الآخرة ومقتور عليه في الدنيا موسع له في الآخرة وشقي في الدنيا والآخرة والأعمال موجبتان ومثل بمثل وعشرة أضعاف وسبعمائة ضعف فالموجبتان من مات مسلما مؤمنا لا يشرك بالله شيئا وجبت له الجنة ومن مات كافرا وجبت له النار ومن هم بحسنة فلم يعملها فعلم الله أنه قد أشعرها قلبه وحرص عليها كتبت له حسنة ومن هم بسيئة لم تكتب عليه ومن عملها كتبت واحدة ولم تضاعف عليه ومن عمل حسنة كانت عليه بعشر أمثالها ومن أنفق نفقة في سبيل الله D كانت بسبعمائة ضعف " ( رواه أحمد والترمذي والنسائي ) وقال ابن أبي حاتم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " يحضر الجمعة ثلاثة نفر : رجل حضرها بلغو فهو حظه منها ورجل حضرها بدعاء فهو رجل دعا الله فإن شاء أعطاه وإن شاء منعه ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم ولم يؤذ أحدا فهو كفارة له إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام وذلك لأن الله D يقول : { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } ( أخرجه ابن أبي حاتم ) . وقال الحافظ الطبراني عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " الجمعة كفارة لما بينها وبين الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام وذلك لأن الله تعالى قال : { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } . والأحاديث والآثار في هذا كثيرة جدا وفيما ذكر كفاية إن شاء الله وبه الثقة