158 - قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون .
يقول تعالى لنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلّم : { قل } يا محمد { يا أيها الناس } وهذا خطاب للأحمر والأسود والعربي والعجمي { إني رسول الله إليكم جميعا } أي جميعكم وهذا من شرفه وعظمته صلى الله عليه وسلّم أنه خاتم النبيين وأنه مبعوث إلى الناس كافة كما قال تعالى : { وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ } وقال تعالى : { ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده } وقال تعالى : { فإن أسلموا واهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ } والآيات في هذا كثيرة كما أن الأحاديث في هذا أكثر من أن تحصر وهو معلوم من دين الإسلام ضرورة أنه صلوات الله عليه رسول الله إلى الناس كلهم . قال البخاري في تفسير هذه الآية عن أبي الدرداء Bه قال : كانت بين أبي بكر وعمر Bهما محاورة فأغضب أبو بكر عمر فانصرف عنه عمر مغضبا فاتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه فأقبل أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال أبو الدرداء ونحن عنده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " أما صاحبكم هذا فقد غامر " أي غاضب وحاقد قال : وندم عمر على ما كان منه فأقبل حتى سلم وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وقص على رسول الله صلى الله عليه وسلّم الخبر قال أبو الدرداء : فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلّم وجعل أبو بكر يقول : والله يا رسول الله لأنا كنت أظلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " هل أنتم تاركوا لي صاحبي ؟ إني قلت يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا فقلتم : كذبت وقال أبو بكر : صدقت " . وقال الإمام أحمد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي ولا أقوله فخرا : بعثت إلى الناس كافة الأحمر والأسود ونصرت بالرعب مسيرة شهر وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأعطيت الشفاعة فأخرتها لأمتي يوم القيامة فهي لمن لا يشرك بالله شيئا " . وقال الإمام أحمد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال : " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت ولا يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار " ( رواه أحمد في المسند ومسلم في صحيحه واللفظ لأحمد ) . وعن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبل : نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه وبعثت إلى الناس عامة " ( رواه الشيخان عن جابر بن عبد الله مرفوعا ) . وقوله : { الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت } صفة الله تعالى في قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم أي الذي أرسلني هو خالق كل شيء وربه ومليكه الذي بيده الملك والإحياء والإماتة وله الحكم .
وقوله : { فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي } أخبرهم أنه رسول الله إليهم ثم أمرهم باتباعه والإيمان به { النبي الأمي } أي الذي وعدتم به وبشرتم به في الكتب المتقدمة فإنه منعوت بذلك في كتبهم ولهذا قال النبي الأمي وقوله : { الذي يؤمن بالله وكلماته } أي يصدق وله عمله وهو يؤمن بما أنزل إليه من ربه { واتبعوه } أي اسلكوا طريقه واقتفوا أثره { لعلكم تهتدون } أي إلى الصراط المستقيم