55 - وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون .
- 56 - ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون .
يقول تعالى : واذكروا نعمتي عليكم في بعثي لكم بعد الصعق إذا سألتم رؤيتي جهرة عيانا مما لا يستطاع لكم ولا لأمثالكم . قال ابن عباس : ( جهرة ) علانية وقال الربيع بن أنس : هم السبعون الذين اختارهم موسى فساروا معه قال فسمعوا كلاما فقالوا : { لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة } قال : فسمعوا صوتا فصعقوا يقول ماتوا . قال السدي في قوله { فأخذتكم الصاعقة } الصاعقة : نار فماتوا فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول : رب ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم { لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا } فأوحى الله إلى موسى أن هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل ثم إن الله أحياهم فقاموا وعاشوا ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون ؟ قال : فذلك قوله تعالى : { ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون } وقال الربيع ابن أنس : كان موتهم عقوبة لهم فبعثوا من بعد الموت ليستوفوا آجالهم وقال ابن جرير : لما رجع موسى إلى قومه فرأى ما هم عليه من عبادة العجل وقال لأخيه وللسامري ما قال وحرق العجل وذراه في اليم اختار موسى منهم سبعين رجلا الخير فالخير وقال : انطلقوا إلى الله وتوبوا إلى الله مما صنعتم واسألوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم . صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم فخرج بهم إلى طور سيناء لميقات وقته له ربه وكان لا يأتيه إلا بإذن منه وعلم فقال له السبعون - فيما ذكر لي - حين صنعوا ما أمروا به وخرجوا للقاء الله : يا موسى اطلب لنا إلى ربك نسمع كلام ربنا . فقال : أفعل .
فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه الغمام حتى تغشى الجبل كله ودنا موسى فدخل فيه وقال للقوم : ادنوا . وكان موسى إذا كلمه الله وقع على جبهته نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه فضرب دونه بالحجاب ودنا القوم حتى دخلوا في الغمام وقعوا سجودا فسمعوه وهو يكلم موسى يأمره وينهاه : افعل ولا تفعل فلما فرغ إليه من أمره انكشف عن موسى الغمام فأقبل إليهم فقالوا لموسى : { لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة } فأخذتهم الرجفة وهي الصاعقة فماتوا جميعا وقام موسى يناشد ربه ويدعوه ويرغب إليه ويقول : { رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي } قد سفهوا أفتهلك من ورائي من بني إسرائيل بما يفعل السفهاء منا ؟ أي إن هذا لهم هلاك واختر منهم سبعين رجلا الخير فالخير أرجع إليهم وليس معي منهم رجل واحد فما الذي يصدقوني به ويأمنوني عليه بعد هذا ؟ { إنا هدنا إليك } فلم يزل موسى يناشد ربه D ويطلب إليه حتى رد إليهم أرواحهم وطلب إليه التوبة لبني إسرائيل من عبادة العجل فقال : لا إلا أن يقتلوا أنفسهم . وقال السدي : لما تابت بنوا إسرائيل من عبادة العجل وتاب الله عليهم بقتل بعضهم لبعض كما أمره الله به أمر الله موسى أن يأتيه في أناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل ووعدهم موسى فاختار موسى سبعين رجلا على عينه ثم ذهب بهم ليعتذروا وساق البقية . والمراد السبعون المختارون منهم ولم يحك كثير من المفسرين سواه وقد غلط أهل الكتاب في دعواهم أن هؤلاء رأوا الله D فإن موسى الكليم عليه السلام قد سأل ذلك فمنع منه فكيف يناله هؤلاء السبعون ؟