61 - وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم .
يقول تعالى : واذكروا نعمتي عليكم في إنزالي عليكم المن والسلوى طعاما طيبا نافعا هنيئا سهلا واذكروا ضجركم مما رزقناكم وسؤالكم موسى الأطعمة الدنيئة من البقول ونحوها مما سألتم قال الحسن البصري : فبطروا وذكروا عيشهم الذي كانوا فيه وكانوا قوما أهل أعداس وبصل وبقل وفوم فقالوا : { يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج مما تنبت الأرض من بقلها وقثاءهم وفومها وعدسها وبصلها } وإنما قالوا على طعام واحد وهم يأكلون المن والسلوى لأنه لا يتبدل ولا يتغير كل يوم فهو مأكل واحد وأما الفوم فقال ابن عباس : الثوم وقال آخرون : الفوم : الحنطة وهو البر الذي يعمل منه الخبز روي أن ابن عباس سئل عن قول الله { وفومها } ما فومها ؟ قال : الحنطة . قال ابن عباس : أما سمعت قول أحيحة بن الجلاح وهو يقول : .
قد كنت أغنى الناس شخصا واحدا ... ورد المدينة عن زراعة فوم .
وقال ابن جرير عن ابن عباس في قول الله تعالى { وفومها } قال : الفوم الحنطة بلسان بني هاشم وقال الجوهري : الفوم الحنطة وحكى القرطبي عن عطاء وقتادة : أن الفوم كل حب يختبز قال : وقال بعضهم : هو الحمص لغة شامية قال البخاري : وقال بعضهم الحبوب التي تؤكل كلها فوم وقوله : { قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير } ؟ فيه تقريع لهم وتوبيخ على ما سألوا من هذه الأطعمة الدنيئة مع ما هم فيه من العيش الرغيد والطعام الهنيء الطيب النافع . وقوله تعالى : { اهبطوا مصرا } هكذا هو منون مصروف وقال ابن عباس : مصرا من الأمصار . والمعنى أن هذا الذي سألتم ليس بأمر عزيز بل هو كثير في أي بلد دخلتموها وجدتموه فليس يساوي مع دناءته وكثرته في الأمصار أن أسأل الله فيه . ولهذا قال : { أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم } أي ما طلبتم ولما كان سؤالهم هذا من باب البطر والأشر ولا ضرورة فيه لم يجابوا إليه والله أعلم