38 - يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل .
- 39 - إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير .
هذا شروع في عتاب من تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في غزوة تبوك حين طابت الثمار والظلال في شدة الحر وحمارة القيظ فقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا .
قيل لكم انفروا في سبيل الله } أي إذا دعيتم إلى الجهاد في سبيل الله { اثاقلتم إلى الأرض } : أي تكاسلتم وملتم إلى المقام في الدعة والخفض وطيب الثمار { أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة } ؟ أي ما لكم فعلتم هكذا رضا منكم بالدنيا بدلا من الآخرة ثم زهد تبارك وتعالى في الدنيا ورغب في الآخرة فقال : { فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل } كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم فلينظر بم ترجع " وأشار بالسبابة ( أخرجه مسلم في صحيحه والإمام أحمد في المسند ) . وقال الأعمش { فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل } قال : كزاد الراكب وقال عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه : .
لما حضرت عبد العزيز بن مروان الوفاة قال : ائتوني بكفني الذي أكفن فيه أنظر إليه فلما وضع بين يديه نظر إليه فقال : أما لي من كبير ما أخاف من الدنيا إلا هذا ؟ ثم ولى ظهره فبكى وهو يقول : أف لك من دار إن كان كثيرك لقليل وإن كان قليلك لقصير وإن كنا منك لفي غرور . ثم توعد تعالى من ترك الجهاد فقال : { إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما } قال ابن عباس : استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلّم حيا من العرب فتثاقلوا عنه فأمسك الله عنهم القطر فكان عذابهم { ويستبدل قوما غيركم } : أي لنصرة نبيه وإقامة دينه كما قال تعالى : { وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ... ثم لا يكونوا أمثالكم } { ولا تضروه شيئا } : أي ولا تضروا الله شيئا بتوليكم عن الجهاد ونكولكم وتثاقلكم عنه { والله على كل شيء قدير } أي قادر على الانتصار من الأعداء بدونكم