20 - ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين .
أي ويقول هؤلاء الكفرة المكذبون المعاندون : لولا أنزل على محمد آية من ربه يعنون : كما أعطى الله ثمود الناقة أو أن يحول لهم الصفا ذهبا أو يزيح عنهم جبال مكة ويجعل مكانها بساتين وأنهارا أو نحو ذلك مما الله عليه قادر ولكنه حكيم في أفعاله وأقواله كما قال تعالى : { تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا } وكقوله : { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون } الآية يقول تعالى : إن سنتي في خلقي أني إذا آتيتهم ما سألوا فإن آمنوا وإلا عاجلتهم بالعقوبة ولهذا لما خير رسول الله صلى الله عليه وسلّم بين إعطائهم ما سألوا فإن آمنوا وإلا عذبوا وبين إنظارهم اختار إنظارهم كما حلم عنهم غير مرة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولهذا قال تعالى إرشادا لنبيه صلى الله عليه وسلّم إلى الجواب عما سألوا : { فقل إنما الغيب لله } أي الأمر كله لله وهو يعلم العواقب في الأمور { فانتظروا إني معكم من المنتظرين } أي إن كنتم لا تؤمنون حتى تشاهدوا ما سألتم فانتظروا حكم الله في وفيكم ولو علم أنهم سألوا ذلك استرشادا وتثبتا لأجابهم ولكن علم أنهم إنما يسألون ذلك عنادا وتعنتا فتركهم فيما رابهم وعلم أنهم لا يؤمن منهم أحد لما فيه من المكابرة كقوله تعالى : { ولو فتحنا عليهم بابا من السماء } الآية .
وقوله تعالى : { وإن يروا كسفا من السماء ساقطا } الآية وقوله تعالى : { ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين } فمثل هؤلاء لا فائدة من جوابهم لأنه دائر على تعنتهم وعنادهم لكثرة فجورهم وفسادهم ولهذا قال : { فانتظروا إني معكم من المنتظرين }