بسم الله الرحمن الرحيم .
- 1 - الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير .
- 2 - ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير .
- 3 - وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير .
- 4 - إلى الله مرجعكم وهو على كل شيء قدير .
تقدم الكلام على حروف الهجاء في أول سورة البقرة بما أغنى عن إعادته هنا وبالله التوفيق وأما قوله : { أحكمت آياته ثم فصلت } أي هي محكمة في لفظها مفصلة في معناها فالقرآن كامل صورة ومعنى هذا معنى ما روي عن مجاهد وقتادة واختاره ابن جرير وقوله : { من لدن حكيم خبير } أي من عند الله الحكيم في أقواله وأحكامه الخبير بعواقب الأمور { ألا تعبدوا إلا الله } أي أنزل هذا القرآن المحكم المفصل لعبادة الله وحده لا شريك له وقوله : { إنني لكم منه نذير وبشير } أي إني لكم نذير من العذاب إن خالفتموه وبشير بالثواب إن أطعتموه كما جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم صعد الصفا فدعا بطون قريش الأقرب ثم الأقرب فاجتمعوا فقال : " يا معشر قريش أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا تصبحكم ألستم مصدقي ؟ " فقالوا : ما جربنا عليك كذبا قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " وقوله : { وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه } أي وآمركم بالاستغفار من الذنوب السالفة والتوبة منها إلى الله D فيما تستقبلونه وأن تستمروا على ذلك : { يمتعكم متاعا حسنا } أي في الدنيا { إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله } أي في الدار الآخرة قاله قتادة كقوله : { من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة } الآية وقد جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال لسعد : " وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك " عن ابن مسعود في قوله : " { ويؤت كل ذي فضل فضله } قال : من عمل سيئة كتبت عليه سيئة ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات فإن عوقب بالسيئة التي كان عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة وبقيت له تسع حسنات ثم يقول : هلك من غلب آحاده على أعشاره ( أخرجه ابن جرير الطبري ) . وقوله : { وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير } هذا تهديد شديد لمن تولى عن أوامر الله تعالى وكذب رسله فإن العذاب يناله يوم القيامة لا محالة { إلى الله مرجعكم } أي معادكم يوم القيامة { وهو على كل شيء قدير } أي وهو القادر على ما يشاء من إحسانه إلى أوليائه وانتقامه من أعدائه وإعادة الخلائق يوم القيامة وهذا مقام ترهيب كما أن الأول مقام ترغيب