110 - حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين .
يذكر تعالى أن نصره ينزل على رسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين عند ضيق الحال وانتظار الفرج من الله في أحوج الأوقات إليه كقوله تعالى : { وزلزوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله } الآية . وفي قوله : { كذبوا } قراءتان إحداهما بالتشديد { قد كذبوا } وكذلك كانت عائشة Bها تقرؤها قال البخاري عن ابن شهاب قال : أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة أنها قالت له وهو يسألها عن قول الله تعالى : { حتى إذا استيأس الرسل } قال قلت : أكذبوا أم كذبوا ؟ قالت عائشة : كذبوا قلت : فقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم فما هو بالظن ؟ قالت : أجل لعمري لقد استيقنوا بذلك فقلت لها : { وظنوا أنهم قد كذبوا } ؟ قالت : معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها قلت فما هذه الآية ؟ قالت هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم فطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر { حتى إذا استيأس الرسل } ممن كذبهم من قومهم وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم جاءهم نصر الله عند ذلك ( أخرجه البخاري في صحيحه عن عروة بن الزبير ) . والقراءة الثانية بالتخفيف واختلفوا في تفسيرها فقال ابن عباس في قوله : .
{ حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا } قال : لما أيست الرسل أن يستجيب لهم قومهم وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم جاءهم النصر على ذلك { فنجي من نشاء } وقال ابن جرير عن إبراهيم بن أبي حمزة الجزري قال سأل فتى من قريش سعيد بن جبير قال : أخبرنا أبا عبد الله كيف هذا الحرف : فإني إذا أتيت عليه تمنيت أن لا أقرأ هذه السورة : { حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا } قال : نعم حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يصدقوهم وظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوا فقال الضحاك بن مزاحم : ما رأيت كاليوم قط رجلا يدعى إلى علم فيتلكأ لو رحلت إلى اليمن في هذه كان قليلا ( أخرجه ابن جرير الطبري ) . ثم روى ابن جرير أيضا من وجه آخر أن مسلم بن يسار سأل سعيد بن جبير عن ذلك فأجابه بهذا الجواب فقام إلى سعيد فأعتنقه وقال : فرج الله عنك كما فرجت عني . وأما ابن مسعود فقال ابن جرير عن تميم بن حزم قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول في هذه الآية : { حتى إذا استيأس الرسل } من إيمان قومهم أن يؤمنوا بهم وظن قومهم حين أبطأ الأمر أنهم قد كذبوا بالتخفيف فهاتان الروايتان عن كل من ابن مسعود وابن عباس والله أعلم