126 - وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين .
- 127 - واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون .
- 128 - إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون .
يأمر تعالى بالعدل في القصاص والمماثلة في استيفاء الحق قال ابن سيرين : إن أخذ منكم رجل شيئا فخذوا مثله وكذا قال مجاهد والحسن البصري واختاره ابن جرير وقال ابن زيد : كانوا قد امروا بالصفح عن المشركين فأسلم رجال ذوو منعة فقالوا : يا رسول الله لو اذن الله لنا لانتصرنا من هؤلاء الكلاب فنزلت هذه الآية ثم نسخ ذلك بالجهاد قال عطاء بن يسار : نزلت سورة النحل كلها بمكة وهي مكية إلا ثلاث آيات من آخرها نزلت بالمدينة بعد أحد حين قتل حمزة Bه ومثل به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " لئن أظهرني الله عليهم لأمثلن بثلاثين رجلا منهم فلما سمع المسلمون ذلك قالوا : والله لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط فأنزل الله : { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } إلى آخر السورة وقال الحافظ أبو بكر البزار عن أبي هريرة Bه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقف على حمزة بن عبد المطلب Bه حين استشهد فنظر .
إلى منظر لم ينظر إلى منظر أوجع للقلب منه أو قال لقلبه فنظر إليه وقد مثل به فقال : " رحمة الله عليك إن كنت ما علمتك إلى وصولا للرحم فعولا للخيرات والله لولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أتركك حتى يحشرك الله من بطون السباع - أو كلمة نحوها - أما والله لأمثلن بسبعين كمثلتك " فنزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلّم بهذه السورة وقرأ : { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } إلى آخر الآية فكفر رسول الله صلى الله عليه وسلّم يعني عن .
يمينه وأمسك عن ذلك ( قال ابن كثير في إسناده ضعف ) . وهذه الآية الكريمة لها أمثال في القرآن فإنها مشتملة على مشروعية العدل والندب إلى الفضل كما في قوله : { وجزاء سيئة سيئة مثلها } ثم قال : { فمن عفا وأصلح فأجره على الله } الآية . وقال : { والجروح قصاص } ثم قال : { فمن تصدق به فهو كفارة له } وقال في هذه الآية : { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } ثم قال : { ولئن صبرتم لهو خير للصابرين } وقوله تعالى : { واصبر وما صبرك إلا بالله } تأكيد للأمر بالصبر وإخبار بأن ذلك لا ينال إلا بمشيئة الله وإعانته وحوله وقوته ثم قال تعالى : { ولا تحزن عليهم } أي على من خالفك فإن الله قدر ذلك { ولا تك في ضيق } أي غم { مما يمكرون } أي مما يجهدون أنفسهم في عداوتك وإيصال الشر إليك فإن الله كافيك وناصرك ومؤيدك ومظهرك ومظفرك بهم وقوله : { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون } أي معهم بتأييده ونصره ومعونته وهديه وسعيه