وقال غير ابن إسحاق نزل في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين ويوم إلى الجمعة ثم خرج عندهم غداة يوم الجمعة على راحلته معه الناس حتى مر ببني سالم لوقت الجمعة فجمع بينهم وهي أول جمعة جمعها رسول الله A بالمدينة ثم ركب لا يحرك راحلته وهو يقول دعوها فإنها مأمورة فمشت حتى بركت في موضع مسجده الذي أنزله الله في بني النجار فنزل عشية الجمعة سنة ثلاث وخمسين من عام الفيل ومن مقدمة المدينة أرخ التاريخ في زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه ولم يغز رسول الله A بنفسه تلك السنة وآخى بين المهاجرين والأنصار بعد ذلك بخمسة أشهر وبعث عمه حمزة في جمادى الأولى فكان أول من غزا في سبيل الله وأول من عقدت له راية في الإسلام خرج في ثلاثين راكبا إلى سيف البحر فلقوا أبو جهل بن هشام في ثلاثمائة من قريش فحجز بينهم رجل من جهينة فافترقوا من غير قتال ثم بعث عبيدة بن الحارث في خمسين راكبا يعارض عيرا لقريش فلقوا جمعا كثيرا فتراموا بالنبل ولم يكن بينهم مسايفة .
وقيل إن سرية عبيدة كانت قبل سرية حمزة وفيها رمى سعد وكان أول سهم رمي في سبيل الله وقيل أول لواء عقده رسول الله A لعبد الله بن جحش والأول أصح والله أعلم .
والأكثر على أن سرية عبد الله بن جحش كانت في سنة اثنتين في غرة رجب إلى نخلة وفيها قتل ابن الحضرمي لليلة بقيت من جمادى الآخرة ثم غزا رسول الله A أهل الكفر من العرب وبعث إليهم السرايا وكانت غزواته بنفسه ستا وعشرين غزوة هذا أكثر ما قيل في ذلك .
وكانت أشرف غزواته وأعظمها حرمة عند الله وعند رسوله وعند المسلمين غزوة بدر الكبرى حيث قتل الله صناديد قريش وأظهر دينه وأعزه الله من يومئذ وكانت بدر في السنة الثانية من الهجرة لسبع عشرة من رمضان صبيحة يوم الجمعة وليس في غزواته ما يعدل بها في الفضل ويقرب منها إلا غزوة الحديبية حيث كانت بيعة الرضوان وذلك سنة ست من الهجرة وكانت بعوثه وسراياه خمسا وثلاثين من بين بعث وسرية .
قال أحمد بن حنبل وغيره عن وكيع عن أبيه وإسرائيل عن أبي إسحاق قال سألت زيد بن أرقم كم غزا رسول الله A قال تسع عشرة غزوة وغزوت معه سبع عشرة وسبقني بغزوتين واعتمر رسول الله A ثلاث عمر وفي قول من جعله قارنا في حجة أربع عمر وقد بينا ذلك في كتاب التمهيد .
وافترض عليه الحج بالمدينة وكذلك سائر الفرائض فيما أمر به أو حرم عليه إلا الصلاة فإنها افترضت عليه حين أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وذلك بمكة ولم يحج رسول الله A من المدينة غير حجة الوداع وذلك سنة عشر من الهجرة .
زوجاته .
وتزوج رسول الله A عددا كثيرا من النساء خص بذلك دون أمته بجمع أكثر من أربع وأحل له فيهن ما شاء فالجمع عليه من أزواجه إحدى عشرة امرأة وهن : خديجة بنت خويلد أول زوجة كانت له لم يجمع قط معها غيرها وسنذكر أخبارها ونسبها وولدها من النبي A وكثيرا من فضائلها وخبرها في بابها من كتاب النساء من هذا الديوان وكذلك نذكر كل واحدة منهن في موضع اسمها من ذلك الكتاب إن شاء الله تعالى .
ثم سودة بنت زمعة بن قيس من بني عامر بن لؤي تزوجها في قول الزهري قبل عائشة رضى الله عنها بمكة وبنى لها بمكة في سنة عشر من النبوة .
وعائشة بنت أبي بكر الصديق رضى الله عنهما تزوجها بمكة قبل سودة وقيل بعد سودة وأجمعوا على أنه لم يبن بها إلا في المدينة قيل سنة هاجر وقيل سنة اثنتين من الهجرة في شوال وهي ابنة تسع سنين وكانت حين عقد عليها بنت ست سنين وقيل بنت سبع سنين وحفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما تزوجها سنة ثلاث في شعبان .
وزينب بنت خزيمة وهي من بني عامر بن صعصعه وكان يقال لها أم المساكين تزوجها سنة ثلاث فكانت عنده شهرين أو ثلاثة وتوفيت ولم يمت أحد من أزواجه في حياته غيرها وغير خديجة قبلها .
وأم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية واسمها هند تزوجها سنة أربع في شوال .
وزينب بنت جحش السدية من بني أسد بن خزيمة تزوجها في سنة خمس من الهجرة في قول قتادة وخالفه غيره على ما نذكره في بابها من كتاب النساء