وروى حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن ابن مسعود أن رسول الله A قال : " عرضت علي الأمم بالموسم فراثت علي أمتي ثم رأيتهم فأعجبتني كثرتهم قد ملئوا السهل والجبل فقال : يا محمد أرضيت قلت : نعم يا رب . قال : فإن لك مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون " . فقال عكاشة بن محصن : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم : فقال : " أنت منهم " ودعا له . فقام رجل آخر فقال : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم . فقال : " سبقك بها عكاشة " .
قال أبو عمر : قال بعض أهل العلم إن ذلك الرجل كان منافقا فأجابه رسول الله A بمعاريض من القول . وكان A لا يكاد يمنع شيئا يسأله إذا قدر عليه .
باب عكرمة .
عكرمة بن أبي جهل .
واسم أبي جهل عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي المخزومي كان أبو جهل يكنى أبا الحكم فكناه رسول الله A أبا جهل فذهبت .
كان عكرمة شديد العداوة لرسول الله A في الجاهلية هو وأبوه وكان فارسا مشهورا هرب حين الفتح فلحق باليمن ولحقت به امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام فأتت به النبي A فلما رآه قال : " مرحبا بالراكب المهاجر " فأسلم وذلك سنة ثمان بعد الفتح وحسن إسلامه وقال A لأصحابه : " إن عكرمة يأتيكم فإذا رأيتموه فلا تسبوا أباه فإن سب الميت يؤذي الحي " .
ولما أسلم عكرمة شكا قولهم عكرمة بن أبي جهل فناهم رسول الله A أن يقولوا عكرمة بن أبي جهل وقال : " لا تؤذوا الأحياء بسب الأموات " .
وكان عكرمة مجتهدا في قتال المشركين مع المسلمين استعمله رسول الله A عام حج على هوازن يصدقها . ووجهه أبو بكر إلى عمان وكانوا ارتدوا فظهر عليهم ثم وجهه أبو بكر إلى اليمن وولى عمان حذيفة القلعاني ثم لزم عكرمة الشام مجاهدا حتى قتل يوم اليرموك في خلافة عمر Bهما هذا قول ابن إسحاق .
واختلف في ذلك قول الزبير فمرة قال : قتل يوم اليرموك شهيدا . وقال في موضع آخر : استشهد عكرمة يوم أجنادين . وقيل إنه قتل يوم مرج الصفر وكانت أجنادين ومرج الصفر في عام واحد سنة ثلاث عشرة في خلافة أبي بكر Bه . وقال الحسن بن عثمان الزيادي : استشهد من المسلمين بأجنادين ثلاثة عشر رجلا منهم عكرمة بن أبي جهل وهو ابن اثنتين وستين سنة . وأجنادين من أرض فلسطين بين الرملة وأبيات جبرين ويقال جبرون .
ذكر الزبير حدثني محمد بن الضحاك بن عثمان عن أبيه قال : لما أسلم عكرمة قال : يا رسول الله علمني خير شيء تعلمه حتى أقوله . فقال له النبي A : " شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله " . فقال عكرمة : أنا أشهد بهذا وأشهد بذلك من حضرني وأسألك يا رسول الله أن تستغفر لي فاستغفر له رسول الله A فقال عكرمة : والله لا أدع نفقة كنت أنفقها في صد عن سبيل الله إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله ولا قتالا قاتلته إلا قاتلت ضعفه وأشهدك يا رسول الله . ثم اجتهد في العبادة حتى قتل زمن عمر Bه بالشام .
حدثني محمد بن أحمد حدثني أحمد بن الفضل حدثنا أحمد بن جرير حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي حدثنا شريح بن مسلمة حدثنا إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق عن عامر بن سعد أن عكرمة بن أبي جهل أتى النبي A وقال له : " مرحبا بالراكب المهاجر " قال : فقلت : ما أقول يا رسول الله فقال : " قل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله " . وذكر معنى حديث الضحاك بن عثمان عن أبيه .
وذكر الزبير قال : حدثني عمي عن جده عبد الله بن مصعب قال : استشهد باليرموك الحارث بن هشام وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو وأتوا بماء وهم صرعى فتدافعوه كلما دفع إلى رجل منهم قال : اسق فلانا حتى ماتوا ولم يشربوه . قال : طلب عكرمة الماء فنظر إلى سهيل ينظر إليه فقال : ادفعه إليه فنظر سهيل إلى الحارث ينظر إليه فقال : ادفعه إليه فلم يصل إليه حتى ماتوا