وروى من حديث ابن عيينة وحديث إسماعيل بن عياش أيضا أنه قيل لأبي الدرداء : مالك لا تقول الشعر . وكل لبيب من الأنصار قال الشعر . فقال : وأنا قد قلت شعرا فقيل وما هو فقال : .
يريد المرء أن يؤتى مناه ... ويأبى الله إلا ما أرادا .
يقول المرء فائدتي ومالي ... وتقوى الله أفضل ما استفادا .
قيل : إنه استقضاه عمر بن الخطاب وقيل بل استقضاه معاوية وتوفي في خلافة عثمان قبل قتل عثمان بسنتين . وقد تقدم من خبره في باب اسمه ما فيه كفاية .
أبو درة البلوي .
له صحبة ذكره أبو سعيد بن يونس فيمن شهد فتح مصر من الصحابة . وقال علي بن الحسن بن قديد : رأيت على باب داره هذه دار أبي درة البلوي صاحب رسول الله A وشرف وكرم .
باب الذال .
أبو ذؤيب الهذلي .
الشاعر . كان مسلما على عهد رسول الله A ولم يره ولا خلاف أنه جاهلي إسلامي . قيل اسمه خويلد بن خالد ابن محرث بن زبيد بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد ابن هذيل . وقال ابن الكلبي : هو خويلد بن محرث من بني مازن بن سويد ابن تميم بن سعد بن هذيل .
ذكر محمد بن إسحاق بن يسار قال : حدثني أبو الآكام الهذلي عن الهرماس بن صعصعة الهذلي عن أبيه أن أبا ذؤيب الشاعر حدثه قال : بلغنا أن رسول الله A عليل فاستشعرت حزنا وبت بأطول ليلة لا ينجاب ديجورها ولا يطلع نورها فظللت أقاسي طولها حتى إذا كان قرب السحر أغفيت فهتف بي هاتف وهو يقول : .
خطب أجل أناخ بالإسلام ... بين النخيل ومعقد الآطام .
قبض النبي محمد فعيوننا ... تذري الدموع عليه بالتسجام .
قال أبو ذؤيب : فوثبت من نومي فزعا فنظرت إلى السماء فلم أر إلا سعد الذابح فتفاءلت به ذبحا يقع في العرب . وعلمت أن النبي A قد قبض وهو ميت من علته فركبت ناقتي وسرت . فلما أصبحت طلبت شيئا أزجر به فعن شيهم يعني القنفذ وقد قبض على صل يعني الحية فهي تلتوي عليه والشيهم يقضمها حتى أكلها فزجرت ذلك فقلت الشيهم شيء مهم والتواء الصل التواء الناس عن الحق على القائم بعد رسول الله A ثم أولت أكل الشيهم إياها غلبه القائم بعده على الأمر فحثثت ناقتي حتى إذا كنت بالغاية فزجرت الطائر فأخبرني بوفاته ونعب غراب سانح فنطق بمثل ذلك فتعوذت بالله من شر ما عن لي في طريقي وقدمت المدينة ولها ضجيج بالبكاء كضجيج الحاج إذا أهلوا بالإحرام . فقلت : مه . قالوا : قبض رسول الله A فجئت إلى المسجد فوجدته خاليا فأتيت بيت رسول الله A فأصبت بابه مرتجا وقيل هو مسجى وقد خلا به أهله فقلت : أين الناس فقيل : في سقيفة بني ساعدة صاروا إلى الأنصار . فجئت إلى السقيفة فأصبت أبا بكر وعمر وأبا عبيدة بن الجراح وسالما جماعة من قريش ورأيت الأنصار فيهم سعد بن عبادة بن دليم وفيهم شعراء وهم : حسان بن ثابت وكعب بن مالك وملأ منهم فآويت إلى قريش وتكلمت الأنصار فأطالوا الخطاب وأكثروا الصواب وتكلم أبو بكر فلله دره من رجل لا يطيل الكلام ويعلم مواضع فصل الخصام والله لقد تكلم بكلام لا يسمعه سامع إلا انقاد له ومال إليه . ثم تكلم عمر بعده بدون كلامه ومد يده فبايعه وبايعوه ورجع أبو بكر ورجعت معه . قال أبو ذؤيب : فشهدت الصلاة على محمد A وشهدت دفنه A ثم أنشد أبو ذؤيب يبكي النبي A : .
لما رأيت الناس في عسلاتهم ... ما بين ملحود له ومضرح .
متبادرين لشرجع بأكفهم ... نص الرقاب لفقد أبيض أروح .
فهناك صرت إلى الهموم ومن يبت ... جار الهموم يبيت غير مروح .
كسفت لمصرعه النجوم وبدرها ... وتزعزعت آطام بطن الأبطح .
وتزعزعت أجبال يثرب كلها ... ونخيلها لحلول خطب مفدح .
ولقد زجرت الطير قبل وفاته ... بمصابه وزجرت سعد الأذبح .
وزجرت أن نعب المشحج سانحا ... متفائلا فيه بفأل الأقبح