وليس عنده من أحوال المحدثين إلا ما يأخذه من ألفاظ أهل الجرح والتعديل فإنه لا يمكنه تنزيل الألفاظ هذا التنزيل ولا اعتبارها بشيء مما ذكرنا وإنما يتبع في ذلك ظاهر ألفاظهم فيما وقع الاتفاق عليه ويقف عند اختلافهم واختلاف عباراتهم والله الموفق للصواب برحمته .
( باب وصف المجرح الذي يطرح حديثه وتمييزه من العدل الذي يؤخذ بحديثه ) .
وإذ لزم معرفة الثقة من غيره فإن صفة المطرح حديثه أولى بالمعرفة قال مالك لا يؤخذ الحديث عن أربعة ويؤخذ عمن سواهم رجل معلن بالسفه وإن كان أروى الناس ورجل يكذب في أحاديث الناس إذا حدث وإن كنت لا تتهمه بالكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وصاحب بدعة يدعو إلى بدعته ورجل له فضل ولا يعرف ما يحدث به وإن كان له فضل وعبادة وأراه يريد بقوله يدعو إلى بدعته أنه يقر بذلك فيظهرها حتى تظهر عليه ويثبت من اعتقاده ومذهبه فيجب أن لا يؤخذ عنه ما دعا إلى بدعته أو ترك ذلك وقد روى يونس بن عبد الأعلى عن بن وهب سمعت مالكا يقول لا يصلى خلف القدرية ولا يحمل عنهم الحديث فرواه على الإطلاق ولم يشترط أن يكون داعيا وقال عبد الرحمن بن مهدي قيل لشعبة متى يترك حديث الرجل قال إذا حدث عن المعروفين بما لا يعرفه المعروفون وإذا أكثر الغلط وإذا أتى بالكذب وإذا روى حديثا غلطا مجتمعا عليه فلم يتهم نفسه فيتركه طرح حديثه وما كان على غير ذلك فارو عنه وروى أشهب بن عبد العزيز سئل مالك أيؤخذ ممن لا يحفظ ويأتي بكتبه فيقول قد سمعتها وهو ثقة فقال لا يؤخذ عنه أخاف أن يزاد في كتبه بالليل وهذا الذي قاله C هو النهاية في الاجتهاد إلا أنه قد عدم من يحفظ ولو لم يؤخذ إلا عن من يحفظ لعدم من يؤخذ عنه فقد قل الحفاظ واحتيج إلى الأخذ عمن له كتاب صحيح وهو ثقة ينقل ما في كتابه فإن كان الآخذ ممن يميز تبينت له الزيادة وإن كان لا يميز فالأمر فيه ضعف ولعله الذي عنى مالك C وقد روى أحمد بن علي بن مسلم ثنا مؤمل بن إهاب أبو عبد الرحمن قال نا يزيد بن هارون قال كان ها هنا شيخ يذكر الرواية عن أنس بن مالك وكان أراه صادقا فلما رأى كثرة الناس عليه قال عندي كتاب فإذا في كتابه شريك يعني أحاديث شريك فقالوا له هذه أحاديث شريك قال نعم أنس حدثنا عن شريك فمثل هذا ومن يقرب منه تستولي عليه الغفلة وقلة المعرفة لا يؤخذ عنه وإن كان متدينا