يقول تعالى لنبيه صلوات الله وسلمه عليه { وإذا رآك الذين كفروا } يعني كفار قريش كأبي جهل وأشباهه { إن يتخذونك إلا هزوا } أي يستهزئون بك وينتقصونك يقولون : { أهذا الذي يذكر آلهتكم } يعنون أهذا الذي يسب آلهتكم ويسفه أحلامكم قال تعالى : { وهم بذكر الرحمن هم كافرون } أي وهم كافرون بالله ومع هذا يستهزئون برسول الله كما قال في الاية الأخرى { وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا * إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا } .
وقوله : { خلق الإنسان من عجل } كما قال في الاية الأخرى : { وكان الإنسان عجولا } أي في الأمور قال مجاهد : خلق الله آدم بعد كل شيء من آخر النهار من يوم خلق الخلائق فلما أحيا الروح عينيه ولسانه ورأسه ولم يبلغ أسفله قال : يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا محمد بن علقمة بن وقاص الليثي عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : [ خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أهبط منها وفيه تقوم الساعة وفيه ساعة لا يوافقها مؤمن يصلي ـ وقبض أصابعه يقللها ـ فسأل الله خيرا إلا أعطاه إياه ] قال أبو سلمة : فقال عبد الله بن سلام : قد عرفت تلك الساعة هي آخر ساعات النهار من يوم الجمعة وهي التي خلق الله فيها آدم قال الله تعالى : { خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون } والحكمة في ذكر عجلة الإنسان ههنا أنه لما ذكر المستهزئين بالرسول صلوات الله وسلامة عليه وقع في النفوس سرعة الانتقام منهم واستعجلت ذلك فقال الله تعالى : { خلق الإنسان من عجل } لأنه تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته يؤجل ثم يعجل وينظر ثم لا يؤخر ولهذا قال : { سأريكم آياتي } أي نقمي وحكمي واقتداري على من عصاني { فلا تستعجلون }