يقول تعالى مسليا لرسوله عما آذاه به المشركون من الاستهزاء والتكذيب { ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون } يعني من العذاب الذي كانوا يستبعدون وقوعه كما قال تعالى : { ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين } ثم ذكر تعالى نعمته على عبيده في حفظه بالليل والنهار وكلاءته وحراسته لهم بعينه التي لا تنام فقال : { قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن } أي بدل الرحمن يعني غيره كما قال الشاعر : .
( جارية لم تلبس المرققا ... ولم تذق من البقول الفستقا ) .
أي لم تذق بدل البقول الفستق وقوله تعالى : { بل هم عن ذكر ربهم معرضون } أي لا يعترفون بنعمة الله عليهم وإحسانه إليهم بل يعرضون عن آياته وآلائه ثم قال { أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا } استفهام إنكار وتقريع وتوبيخ أي ألهم آلهة تمنعهم وتكلؤهم غيرنا ؟ ليس الأمر كما توهموا ولا كما زعموا ولهذا قال : { لا يستطيعون نصر أنفسهم } أن هذه الالهة التي استندوا إليها غير الله لا يستطيعون نصر أنفسهم وقوله : { ولا هم منا يصحبون } قال العوفي عن ابن عباس : ولا هم منا يصحبون أي يجارون وقال قتادة : لا يصبحون من الله بخير وقال غيره : ولا هم منا يصحبون يمنعون