يقول تعالى منبها على حقارة الأصنام وسخافة عقول عابديها { يا أيها الناس ضرب مثل } أي لما يعبده الجاهلون بالله المشركون به { فاستمعوا له } أي أنصتوا وتفهموا { إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له } أي لو اجتمع جميع ما تعبدون من الأصنام والأنداد على أن يقدروا على خلق ذباب واحد ما قدروا على ذلك كما قال الإمام أحمد : حدثنا أسود بن عامر حدثنا شريك عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة مرفوعا قال : [ ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا مثل خلقي ذرة أو ذبابة أو حبة ] وأخرجه صاحبا الصحيح من طريق عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : [ قال الله D ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي قليخلقوا ذرة فليخلقوا شعيرة ] ثم قال تعالى أيضا : { وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه } أي هم عاجزون عن خلق ذباب واحد بل أبلغ من ذلك عاجزون عن مقاومته والإنتصار منه لو سلبها شيئا من الذي عليها من الطيب ثم أرادت أن تستنقذه منه لما قدرت على ذلك هذا والذباب من أضعف مخلوقات الله وأحقرها ولهذا قال : { ضعف الطالب والمطلوب } قال ابن عباس : الطالب الصنم والمطلوب الذباب واختاره ابن جرير وهو ظاهر السياق وقال السدي وغيره : الطالب العابد والمطلوب الصنم ثم قال : { ما قدروا الله حق قدره } أي ما عرفوا قدر الله وعظمته حين عبدوا معه غيره من هذه التي لا تقاوم الذباب لضعفها وعجزها { إن الله لقوي عزيز } أي هو القوي الذي بقدرته وقوته خلق كل شيء { وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه } { إن بطش ربك لشديد * إنه هو يبدئ ويعيد } { إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين } وقوله : { عزيز } أي قد عز كل شيء فقهره وغلبه فلا يمانع ولا يغالب لعظمته وسلطانه وهو الواحد القهار