يخبر تعالى عن استهزاء المشركين بالرسول صلى الله عليه وسلّم إذا رأوه كما قال تعالى : { وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا } الاية يعنونه بالعيب والنقص وقال ههنا { وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا } أي على سبيل التنقيص والازدراء فقبحهم الله كما قال { ولقد استهزئ برسل من قبلك } الاية وقوله تعالى : { إن كاد ليضلنا عن آلهتنا } يعنون أنه كاد يثنيهم عن عبادة الأصنام لولا أن صبروا وتجلدوا واستمروا عليها قال الله تعالى متوعدا لهم ومتهددا { وسوف يعلمون حين يرون العذاب } الاية .
ثم قال تعالى لنبيه منبها أن من كتب الله عليه الشقاوة والضلال فإنه لا يهديه أحد إلا الله D { أرأيت من اتخذ إلهه هواه } أي مهما استحسن من شيء ورآه حسنا في هوى نفسه كان دينه ومذهبه كما قال تعالى : { أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء } الاية ولهذا قال ههنا { أفأنت تكون عليه وكيلا } قال ابن عباس : كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زمانا فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول ثم قال تعالى : { أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون } الاية أي هم أسوأ حالا من الأنعام السارحة فإن تلك تعقل ما خلقت له وهؤلاء خلقوا لعبادة الله وحده لا شريك له وهم يعبدون غيره ويشركون به مع قيام الحجة عليهم وإرسال الرسل إليهم