يعني لا أعبد إلا الذي يفعل هذه الأشياء { الذي خلقني فهو يهدين } أي هو الخالق الذي قدر قدرا وهدى الخلائق إليه فكل يجري على ما قدر له وهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء { والذي هو يطعمني ويسقين } أي هو خالقي ورازقي بما سخر ويسر من الأسباب السماوية والأرضية فساق المزن وأنزل الماء وأحيا به الأرض وأخرج به من كل الثمرات رزقا للعباد وأنزل الماء عذبا زلالا يسقيه مما خلق أنعاما وأناسي كثيرا .
وقوله { وإذا مرضت فهو يشفين } أسند المرض إلى نفسه وإن كان عن قدر الله وقضائه وخلقه ولكن أضافه إلى نفسه أدبا كما قال تعالى آمرا للمصلي أن يقول { اهدنا الصراط المستقيم } إلى آخر السورة فأسند الإنعام والهداية إلى الله تعالى والغضب حذف فاعله أدبا وأسند الضلال إلى العبيد كما قالت الجن { وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا } وكذا قال إبراهيم { وإذا مرضت فهو يشفين } أي إذا وقعت في مرض فإنه لا يقدر على شفائي أحد غيره بما يقدر من الأسباب الموصلة إليه { والذي يميتني ثم يحيين } أي هو الذي يحيي ويميت لا يقدر على ذلك أحد سواه فإنه هو الذي يبدىء ويعيد { والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين } أي لا يقدر على غفران الذنوب في الدينا والاخرة إلا هو ومن يغفر الذنوب إلا الله وهو الفعال لما يشاء