يقول تعالى مخبرا عن الكتاب الذي أنزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلّم { وإنه } أي القرآن ذكره في أول السورة في قوله { وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث } الاية { لتنزيل رب العالمين } أي أنزله الله عليك وأوحاه إليك { نزل به الروح الأمين } وهو جبريل عليه السلام قاله غير واحد من السلف : ابن عباس ومحمد بن كعب وقتادة وعطية العوفي والسدي والضحاك والزهري وابن جريج وهذا مما لا نزاع فيه قال الزهري : وهذه كقوله { قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه } وقال مجاهد : من كلمه الروح الأمين لا تأكله الأرض { على قلبك لتكون من المنذرين } أي نزل به ملك كريم أمين ذو مكانة عند الله مطاع في الملأ الأعلى { على قلبك } يا محمد سالما من الدنس والزيادة والنقص { لتكون من المنذرين } أي لتنذر به بأس الله ونقمته على من خالفه وكذبه وتبشر به المؤمنين المتبعين له .
وقوله تعالى : { بلسان عربي مبين } أي هذا القرآن الذي أنزلناه إليك أنزلناه بلسانك العربي الفصيح الكامل الشامل ليكون بينا واضحا ظاهرا قاطعا للعذر مقيما للحجة دليلا إلى المحجة قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن أبي بكر العتكي حدثنا عباد بن عباد المهلبي عن موسى بن محمد عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : [ بينما رسول الله صلى الله عليه وسلّم مع أصحابه في يوم دجن إذ قال لهم : كيف ترون بواسقها ؟ قالوا : ما أحسنها وأشد تراكمها قال : فكيف ترون قواعدها ؟ قالوا : ما أحسنها وأشد تمكنها قال فكيف ترون جريها ؟ قالوا : ما أحسنه وأشد سواده قال فيكف ترون رحاها استدارت قالوا : ما أحسنها وأشد استدارتها قال فكيف ترون برقها : أوميض أم خفق أم يشق شقا ؟ قالوا : بل يشق شقا قال الحياء الحياء إن شاء الله قال : فقال رجل : يا رسول الله بأبي وأمي ما أفصحك ما رأيت الذي هو أعرب منك قال : فقال حق لي وإنما أنزل القرآن بلساني والله يقول { بلسان عربي مبين } ] وقال سفيان الثوري : لم ينزل وحي إلا بالعربية ثم ترجم كل نبي لقومه واللسان يوم القيامة بالسريانية فمن دخل الجنة تكلم بالعربية رواه ابن أبي حاتم