يقول تعالى : وإن ذكر هذا القرآن والتنويه به لموجود في كتب الأولين المأثورة عن أنبيائهم الذين بشروا به في قديم الدهر وحديثه كما أخذ الله عليهم الميثاق بذلك حتى قام آخرهم خطيبا في ملئه بالبشارة بأحمد { وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد } والزبر ههنا هي الكتب وهي جمع زبور وكذلك الزبور وهو كتاب داود وقال الله تعالى : { وكل شيء فعلوه في الزبر } أي مكتوب عليهم في صحف الملائكة ثم قال تعالى : { أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل } أي أو ليس يكفيهم من الشاهد الصادق على ذلك أن العلماء من بني إسرائيل يجدون ذكر هذا القرآن في كتبهم التي يدرسونها والمراد العدول منهم الذين يعترفون بما في أيديهم من صفة محمد صلى الله عليه وسلّم ومبعثه وأمته كما أخبر بذلك من آمن منهم كعبد الله بن سلام وسلمان الفارسي عمن أدركه منهم ومن شاكلهم قال الله تعالى : { الذين يتبعون الرسول النبي الأمي } الاية .
ثم قال تعالى مخبرا عن شدة كفر قريش وعنادهم لهذا القرآن : أنه لو نزل على رجل من الأعاجم ممن لا يدري من العربية كلمة وأنزل عليه هذا الكتاب ببيانه وفصاحته لا يؤمنون به ولهذا قال { ولو نزلناه على بعض الأعجمين * فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين } كما أخبر عنهم في الاية الأخرى { ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون * لقالوا إنما سكرت أبصارنا } الاية وقال تعالى : { ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى } الاية وقال تعالى : { إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون } الاية