قد تقدم الكلام في سورة البقرة على الحروف المقطعة في أوائل السور وقوله تعالى : { تلك آيات } أي هذه آيات { القرآن وكتاب مبين } أي بين واضح { هدى وبشرى للمؤمنين } أي إنما تحصل الهداية والبشارة من القرآن لمن آمن به واتبعه وصدقه وعمل بما فيه وأقام الصلاة المكتوبة وآتى الزكاة المفروضة وأيقن بالدار الاخرة والبعث بعد الموت والجزاء على الأعمال : خيرها وشرها والجنة والنار كما قال تعالى : { قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر } الاية وقال تعالى : { لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا } ولهذا قال تعالى ههنا : { إن الذين لا يؤمنون بالآخرة } أي يكذبون بها ويستبعدون وقوعها { زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون } أي حسنا لهم ما هم فيه ومددنا لهم في غيهم فهم يتيهون في ضلالهم وكان هذا جزاء على ما كذبوا من الدار الاخرة كما قال تعالى : { ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة } الاية { أولئك الذين لهم سوء العذاب } أي في الدنيا والاخرة { وهم في الآخرة هم الأخسرون } أي ليس يخسر أنفسهم وأموالهم سواهم من أهل المحشر وقوله تعالى : { وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم } أي { وإنك } يا محمد قال قتادة : { لتلقى } أي لتأخذ { القرآن من لدن حكيم عليم } أي من عند حكيم عليم أي حكيم في أمره ونهيه عليم بالأمور : جليلها وحقيرها فخبره هو الصدق المحض وحكمه هو العدل التام كما قال تعالى : { وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا }