يقول تعالى مخبرا عن حقارة الدنيا وما فيها من الزينة الدنيئة والزهرة الفانية بالنسبة إلى ما أعده الله لعباده الصالحين في الدار الاخرة من النعيم العظيم المقيم كما قال تعالى : { ما عندكم ينفد وما عند الله باق } وقال : { وما عند الله خير للأبرار } وقال : { وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع } وقال تعالى : { بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم [ والله ما الحياة الدنيا في الاخرة إلا كما يغمس أحدكم أصبعه في اليم فلينظر ماذا يرجع إليه ] .
وقوله تعالى : { أفلا تعقلون } أي أفلا يعقل من يقدم الدنيا على الاخرة وقوله تعالى : { أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين } يقول تعالى : أفمن هو مؤمن مصدق بما وعده الله على صالح الأعمال من الثواب الذي هو صائر إليه لا محالة كمن هو كافر مكذب بلقاء الله ووعده ووعيده فهو ممتع في الحياة الدنيا أياما قلائل { ثم هو يوم القيامة من المحضرين } قال مجاهد وقتادة : من المعذبين ثم قد قيل : إنها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلّم وفي أبي جهل وقيل في حمزة وعلي وأبي جهل وكلاهما عن مجاهد الظاهر أنها عامة وهذا كقوله تعالى إخبارا عن ذلك المؤمن حين أشرف على صاحبه وهو في الدرجات وذاك في الدركات فقال : { ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين } وقال تعالى : { ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون }