يقول تعالى : { من كان يرجو لقاء الله } أي في الدار الاخرة وعمل الصالحات ورجا ما عند الله من الثواب الجزيل فإن الله سيحقق له رجاءه ويوفيه عمله كلاما موفرا فإن ذلك كائن لا محالة لأنه سميع الدعاء بصير بكل الكائنات ولهذا قال تعالى : { من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم } وقوله تعالى : { ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه } كقوله تعالى : { من عمل صالحا فلنفسه } أي من عمل صالحا فإنما يعود نفع عمله على نفسه فإن الله تعالى غني عن أفعال العباد ولو كانوا كلهم على أتقى قلب رجل منهم ما زاد ذلك في ملكه شيئا ولهذا قال تعالى : { ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين } قال الحسن البصري : إن الرجل ليجاهد وما ضرب يوما من الدهر بسيف ثم أخبر تعالى أنه مع غناه عن الخلائق جميعهم ومع بره وإحسانه بهم يجازي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أحسن الجزاء وهو أن يكفر عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذين كانوا يعملون فيقبل القليل من الحسنات ويثيب عليها الواحدة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ويجزي على السيئة بمثلها أو يعفو ويصفح كما قال تعالى : { إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما } وقال ههنا : { والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون }