يقول تعالى مخبرا عن الناس أنهم في حال الإضطرار يدعون الله وحده لا شريك له وأنه إذا أسبغ عليهم النعم إذا فريق منهم في حالة الاختيار يشركون بالله ويعبدون معه غيره وقوله تعالى : { ليكفروا بما آتيناهم } هي لام العاقبة عند بعضهم ولام التعليل عند آخرين ولكنها تعليل لتقييض الله لهم ذلك ثم توعدهم بقوله { فسوف تعلمون } قال بعضهم والله لو توعدني حارس درب لخفت منه فكيف والمتوعد ههنا هو الذي يقول للشيء كن فيكون ؟ ثم قال منكرا على المشركين فيما اختلقوا فيه من عبادة غيره بلا دليل ولا حجة ولا برهان { أم أنزلنا عليهم سلطانا } أي حجة { فهو يتكلم } أي ينطق { بما كانوا به يشركون } وهذا استفهام إنكار أي لم يكن لهم شيء من ذلك .
ثم قال تعالى : { وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون } هذا إنكار على الإنسان من حيث هو إلا من عصمه الله ووفقه فإن الإنسان إذا أصابته نعمة بطر وقال { ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور } أي يفرح في نفسه ويفخر على غيره وإذا أصابته شدة قنط وأيس أن يحصل له بعد ذلك خير بالكلية قال الله تعالى : { إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات } أي صبروا في الضراء وعملوا الصالحات في الرخاء كما ثبت في الصحيح [ عجبا للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ] وقوله تعالى : { أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } أي هو المتصرف الفاعل لذلك بحكمته وعدله فيوسع على قوم ويضيق على آخرين { إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون }