يقول تعالى مخبرا عن المشركين في استبعادهم المعاد حيث قالوا { أإذا ضللنا في الأرض } أي تمزقت أجسامنا وتفرقت في أجزاء الأرض وذهبت { أإنا لفي خلق جديد } أي أإنا لنعود بعد تلك الحال ؟ يستعبدون ذلك وهذا إنما هو بعيد بالنسبة إلى قدرتهم العاجزة لا بالنسبة إلى قدرة الذي بدأهم وخلقهم من العدم الذي إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ولهذا قال تعالى : { بل هم بلقاء ربهم كافرون } ثم قال تعالى : { قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم } الظاهر من هذه الاية أن ملك الموت شخص معين من الملائكة كما هو المتبادر من حديث البراء المتقدم ذكره في سورة إبراهيم وقد سمي في بعض الاثار بعزرائيل وهو المشهور قاله قتادة وغير واحد وله أعوان وهكذا ورد في الحديث أن أعوانه ينتزعون الأرواح من سائر الجسد حتى إذا بلغت الحلقوم وتناولها ملك الموت قال مجاهد : حويت له الأرض فجعلت مثل الطست يتناول منها متى يشاء ورواه زهير بن محمد عن النبي صلى الله عليه وسلّم بنحوه مرسلا وقاله ابن عباس Bهما .
وروى ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا يحيى بن أبي يحيى المقري حدثنا عمر بن سمرة عن جعفر بن محمد قال : سمعت أبي يقول : [ نظر رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار فقال له النبي صلى الله عليه وسلّم يا ملك الموت ارفق بصاحبي فإنه مؤمن فقال ملك الموت : يا محمد طب نفسا وقر عينا فإني بكل مؤمن رفيق واعلم أن ما في الأرض بيت مدر ولا شعر في بر ولا بحر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات حتى إني أعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم والله يا محمد لو أني أردت أن أقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو الامر بقبضها ] قال جعفر : بلغني أنه إنما يتصفحهم عند مواقيت الصلاة فإذا حضرهم عند الموت فإن كان ممن يحافظ على الصلاة دنا منه الملك ودفع عنه الشيطان ولقنه الملك لا إله إلا الله محمد رسول الله في تلك الحال العظيمة وقال عبد الرزاق : حدثنا محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة قال سمعت مجاهدا يقول : [ ما على ظهر الأرض من بيت شعر أو مدر إلا وملك الموت يطوف به كل يوم مرتين ] وقال كعب الأحبار : والله ما من بيت فيه أحد من أهل الدنيا إلا وملك الموت يقوم على بابه كل يوم سبع مرات ينظر هل فيه أحد أمر أن يتوفاه رواه ابن أبي حاتم وقوله تعالى : { ثم إلى ربكم ترجعون } أي يوم معادكم وقيامكم من قبوركم لجزائكم