يقول تعالى : كما لا تستوي هذه الأشياء المتباينة المختلفة كالأعمى والبصير لا يستويان بل بينهما فرق وبون كثير وكما لا تستوي الظلمات ولا النور ولا لظل ولا الحرور كذلك لا تستوي الأحياء ولا الأموات كقوله تعالى : { أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها } وقال D : { مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا } فالمؤمن بصير سميع في نور يمشي على صراط مستقيم في الدنيا والاخرة حتى يستقر به الحال في الجنات ذات الظلال والعيون والكافر أعمى وأصم في ظلمات يمشي لا خروج له منها بل هو يتيه في غيه وضلاله في الدنيا والاخرة حتى يفضي به ذلك إلى الحرور والسموم والحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم .
وقوله تعالى : { إن الله يسمع من يشاء } أي يهديهم إلى سماع الحجة وقبولها والإنقياد لها { وما أنت بمسمع من في القبور } أي كما لا ينتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم وهم كفار بالهداية والدعوة إليها كذلك هؤلاء المشركون الذين كتب عليهم الشقاوة لا حيلة لك فيهم ولا تستطيع هدايتهم { إن أنت إلا نذير } أي إنما عليك البلاغ والإنذار والله يضل من يشاء ويهدي من يشاء { إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا } أي بشيرا للمؤمنين ونذيرا للكافرين { وإن من أمة إلا خلا فيها نذير } أي وما من أمة خلت من بني آدم إلا وقد بعث الله تعالى إليهم النذر وأزاح عنهم العلل كما قال تعالى : { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد } وكما قال تعالى : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة } الاية والايات في هذا كثيرة .
وقوله تبارك وتعالى : { وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات } وهي المعجزات الباهرات والأدلة القاطعات { وبالزبر } وهي الكتب { وبالكتاب المنير } أي الواضح البين { ثم أخذت الذين كفروا } أي ومع هذا كله كذب أولئك رسلهم فيما جاؤوهم به فأخذتهم أي بالعقاب والنكال { فكيف كان نكير } أي فكيف رأيت إنكاري عليهم عظيما شديدا بليغا والله أعلم