هذه هي النفخة الثالثة وهي نفخة البعث والنشور للقيام من الأجداث والقبور ولهذا قال تعالى : { فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون } والنسلان هو المشي السريع كما قال تعالى : { يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون } { قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا } يعنون قبورهم التي كانوا يعتقدون في الدار الدنيا أنهم لا يبعثون منها فلما عاينوا ما كذبوا به في محشرهم { قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا } وهذا لا ينفي عذابهم في قبورهم لأنه بالنسبة إلى مابعده في الشدة كالرقاد قال أبي بن كعب Bه و مجاهد والحسن وقتادة : ينامون نومة قبل البعث قال قتادة : وذلك بين النفختين فلذلك يقولون من بعثنا من مرقدنا فإذا قالوا ذلك أجابهم المؤمنون قاله غير واحد من السلف { هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون } وقال الحسن : إنما يجيبهم بذلك الملائكة ولا منافاة إذ الجمع ممكن والله سبحانه وتعالى أعلم .
وقال عبد الرحمن بن زيد : الجميع من قول الكفار { يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ؟ هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون } نقله ابن جرير واختار الأول وهو أصح وذلك لقوله تبارك وتعالى في الصافات : { وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين * هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون } وقال الله D : { ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون * وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون } .
وقوله تعالى : { إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون } كقوله D : { فإنما هي زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة } وقال جلت عظمته : { وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب } وقال جل جلاله : { يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا } أي إنما نأمرهم أمرا واحدا فإذا الجميع محضرون { فاليوم لا تظلم نفس شيئا } أي من عملها { ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون }