يقول تعالى : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة } قبل أن تبتلوا وتخبروا وتمتحنوا كما فعل بالذين من قبلكم من الأمم ولهذا قال { ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء } وهي الأمراض والأسقام والالام والمصائب والنوائب قال ابن مسعود وابن عباس وأبو العالية ومجاهد وسعيد بن جبير ومرة الهمداني والحسن وقتادة والضحاك والربيع والسدي ومقاتل بن حيان { البأساء } الفقر { والضراء } السقم { وزلزلوا } خوفا من الأعداء زلزالا شديدا وامتحنوا امتحانا عظيما كما جاء في الحديث الصحيح عن خباب بن الأرت قال : قلنا : يا رسول الله ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا ؟ فقال : [ إن من كان قبلكم كان أحدهم يوضع المنشار على مفرق رأسه فيخلص إلى قدميه لا يصرفه ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه لا يصرفه ذلك عن دينه ] ثم قال [ والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم قوم تستعجلون ] وقال الله تعالى : { الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } وقد حصل من هذا جانب عظيم للصحابة رضي الله تعالى عنهم في يوم الأحزاب كما قال الله تعالى : { إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا * وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا } الايات ولما سأل هرقل أبا سفيان هل قاتلتموه ؟ قال : نعم قال فكيف كانت الحرب بينكم ؟ قال سجالا يدال علينا وندال عليه قال : كذلك الرسل تبتلى ثم تكون لها العاقبة وقوله { مثل الذين خلوا من قبلكم } أي سنتهم كما قال تعالى : { فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين } وقوله { وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله } أي يستفتحون على أعدائهم ويدعون بقرب الفرج والمخرج عند ضيق الحال والشدة قال الله تعالى : { ألا إن نصر الله قريب } كما قال { فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا } وكما تكون الشدة ينزل من النصر مثلها ولهذا قال { ألا إن نصر الله قريب } وفي حديث أبي رزين [ عجب ربك من قنوط عباده وقرب غيثه فينظر إليهم قنطين فيظل يضحك يعلم أن فرجهم قريب ] الحديث