يقول D أمن هذه صفته كمن أشرك بالله وجعل له أندادا لا يستوون عند الله كما قال تعالى : { ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون } وقال تبارك وتعالى ههنا : { أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما } أي في حال سجوده وفي حال قيامه ولهذا استدل بهذه الاية من ذهب إلى أن القنوت هو الخشوع في الصلاة وليس هو القيام وحده كما ذهب إليه آخرون وقال الثوري عن فراس عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود Bه أنه قال : القانت المطيع لله D ولرسوله صلى الله عليه وسلّم وقال ابن عباس Bهما والحسن والسدي وابن زيد : آناء الليل جوف الليل وقال الثوري عن منصور بلغنا أن ذلك بين المغرب والعشاء وقال الحسن وقتادة آناء الليل أوله وأوسطه وآخره وقوله تعالى : { يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه } أي في حال عبادته خائف راج ولا بد في العبادة من هذا وهذا وأن يكون الخوف في مدة الحياة هو الغالب ولهذا قال تعالى : { يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه } فإذا كان عند الاحتضار فليكن الرجاء هو الغالب عليه كما قال الإمام عبد بن حميد في مسنده : حدثنا يحيى بن عبد الحميد حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا ثابت عن أنس Bه قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلّم على رجل وهو في الموت فقال له : [ كيف تجدك ؟ ] فقال : أرجو وأخاف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : [ لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله D الذي يرجو وأمنه الذي يخافه ] رواه الترمذي والنسائي في اليوم والليلة وابن ماجه من حديث سيار بن حاتم عن جعفر بن سليمان به وقال الترمذي غريب وقد رواه بعضهم عن ثابت عن أنس عن النبي مرسلا .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عمر بن شيبة عن عبيدة النميري حدثنا أبو خلف بن عبد الله بن عيسى الخراز حدثنا يحيى البكاء أنه سمع ابن عمر Bهما يقرأ { أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه } قال ابن عمر ذاك عثمان بن عفان Bه وإنما قال ابن عمر Bهما ذلك لكثرة صلاة أمير المؤمنين عثمان Bه بالليل وقراءته حتى إنه ربما قرأ القرآن في ركعة كما روى ذلك أبو عبيدة عنه رضي الله تعالى عنه وقال الشاعر : .
ضحوا بأشمط عنوان السجود به يقطع الليل تسبيحا وقرآنا .
وقال الإمام أحمد : كتب إلي الربيع بن نافع حدثنا الهيثم بن حميد عن زيد بن واقد عن سليمان بن موسى عن كثير بن مرة عن تميم الداري Bه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : [ من قرأ بمائة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة ] وكذا رواه النسائي في اليوم والليلة عن إبراهيم بن يعقوب عن عبد الله بن يوسف والربيع بن نافع كلاهما عن الهيثم بن حميد به وقوله تعالى : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } أي هل يستوي هذا والذي قبله ممن جعل لله أندادا ليضل عن سبيله { إنما يتذكر أولو الألباب } أي إنما يعلم الفرق بين هذا وهذا من له لب وهو العقل والله أعلم