يقول تعالى ما يدفع ويجادل فيه بعد البيان وظهور البرهان { إلا الذين كفروا } أي الجاحدون لايات الله وحججه وبراهينه { فلا يغررك تقلبهم في البلاد } أي في أموالها ونعيمها وزهرتها كما قال جل وعلا : { لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد * متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد } وقال D : { نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ } ثم قال تعالى مسليا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلّم في تكذيب من كذبه من قومه بأن له أسوة فيمن سلف من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنه قد كذبهم أممهم وخالفوهم وما آمن بهم منهم إلا قليل فقال : { كذبت قبلهم قوم نوح } وهو أول رسول بعثه الله ينهى عن عبادة الأوثان { والأحزاب من بعدهم } أي من كل أمة { وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه } أي حرصوا على قتله بكل ممكن ومنهم من قتل رسوله { وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق } أي ما حلوا بالشبهة ليردوا الحق الواضح الجلي .
وقد قال أبو القاسم الطبراني حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا عارم أبو النعمان حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي يحدث عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس Bه عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : [ من أعان باطلا ليدحض به حقا فقد برئت منه ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلّم ] وقوله جلت عظمته : { فأخذتهم } أي أهلكتهم على ما صنعوا من هذه الاثام والذنوب العظام { فكيف كان عقاب } أي فكيف بلغك عذابي لهم ونكالي بهم قد كان شديدا موجعا مؤلما قال قتادة كان شديدا والله وقوله جل جلاله : { وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار } أي كما حقت كلمة العذاب على الذين كفروا من الأمم السالفة كذلك حقت على المكذبين من هؤلاء الذين كذبوك وخالفوك يا محمد بطريق الأولى والأحرى لأن من كذبك فلا وثوق له بتصديق غيرك والله أعلم