يقول تعالى منكرا على المشركين في عبادتهم غير الله بلا برهان ولا دليل ولا حجة { أم آتيناهم كتابا من قبله } أي من قبل شركهم { فهم به مستمسكون } أي فيما هم فيه ليس الأمر كذلك كقوله D : { أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون } أي لم يكن ذلك ثم قال تعالى : { بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون } أي ليس لهم مستند فيما هم فيه من الشرك سوى تقليد الاباء والأجداد بأنهم كانوا على أمة والمراد بها الدين ههنا وفي قوله تبارك وتعالى : { إن هذه أمتكم أمة واحدة } وقولهم : { وإنا على آثارهم } أي وراءهم { مهتدون } دعوى منهم بلا دليل ثم بين جل وعلا أن مقالة هؤلاء قد سبقهم إليها أشباههم ونظراؤهم من الأمم السالفة المكذبة للرسل تشابهت قلوبهم فقالوا مثل مقالتهم { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون * أتواصوا به بل هم قوم طاغون } وهكذا قال ههنا : { وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون } ثم قال D : { قل } أي يا محمد لهؤلاء المشركين { أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون } أي لو علموا وتيقنوا صحة ما جئتم به لما انقادوا لذلك لسوء قصدهم ومكابرتهم للحق وأهله قال الله تعالى : { فانتقمنا منهم } أي من الأمم المكذبة بأنواع من العذاب كما فصله تبارك وتعالى في قصصهم { فانظر كيف كان عاقبة المكذبين } أي كيف بادوا وهلكوا وكيف نجى الله المؤمنين