يقول تعالى : أولم ير هؤلاء المنكرون للبعث يوم القيامة المستبعدون لقيام الأجساد يوم المعاد { أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن } أي ولم يكرثه خلقهم بل قال لها كوني فكانت بلا ممانعة ولا مخالفة بل طائعة مجيبة وجلة أفليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ؟ كما قال D في الاية الأخرى : { لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون } ولهذا قال تعالى : { بلى إنه على كل شيء قدير } ثم قال جل جلاله مهددا ومتوعدا لمن كفر به { ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق } أي يقال لهم أما هذا حق أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون ؟ { قالوا بلى وربنا } أي لا يسعهم إلا الاعتراف { قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون } ثم قال تبارك وتعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلّم بالصبر على تكذيب من كذبه من قومه : { فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل } أي على تكذيب قومهم لهم وقد اختلفوا في تعداد أولي العزم على أقوال وأشهرها أنهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وخاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلّم قد نص الله تعالى على أسمائهم من بين الأنبياء في آيتين من سورتي الأحزاب والشورى وقد يحتمل أن يكون المراد بأولي العزم جميع الرسل فتكون { من } في قوله من الرسل لبيان الجنس والله أعلم .
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن الحجاج الحضرمي حدثنا السري بن حيان حدثنا عباد بن عباد حدثنا مجالد بن سعيد عن الشعبي عن مسروق قال : قالت عائشة Bها : [ ظل رسول الله صلى الله عليه وسلّم صائما ثم طواه ثم ظل صائما ثم طواه ثم ظل صائما ثم قال : يا عائشة إن الدنيا لا تنبغي لمحمد ولا لال محمد يا عائشة إن الله تعالى لم يرض من أولي العزم من الرسل إلا بالصبر على مكروهها والصبر على محبوبها ثم لم يرض مني إلا أن يكلفني ما كلفهم فقال : { فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل } وإني والله لأصبرن كما صبروا جهدي ولا قوة إلا بالله ] { ولا تستعجل لهم } أي لا تستعجل لهم حلول العقوبة بهم كقوله تبارك وتعالى : { وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا } وكقوله تعالى : { فمهل الكافرين أمهلهم رويدا } { كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار } كقوله جل وعلا : { كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها } وكقوله D : { ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم } الاية وقوله جل وعلا : { بلاغ } قال ابن جرير يحتمل معنيين : أحدهما أن يكون تقديره وذلك لبث بلاغ والاخر أن يكون تقديره هذا القرآن بلاغ وقوله تعالى : { فهل يهلك إلا القوم الفاسقون } أي لا يهلك على الله إلا هالك وهذا من عدله D أنه لا يعذب إلا من يستحق العذاب والله أعلم