يقول تعالى مخبرا عن الكفار والمشركين والملحدين أنهم يزعمون أنهم لا يبعثون { قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم } أي لتخبرن بجميع أعمالكم جليلها وحقيرها صغيرها وكبيرها { وذلك على الله يسير } أي بعثكم ومجازاتكم وهذه هي الاية الثالثة التي أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلّم أن يقسم بربه D على وقوع المعاد ووجوده فالأولى في سورة يونس { ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين } والثانية في سورة سبأ { وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم } الاية والثالثة هي هذه { زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير } .
ثم قال تعالى : { فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا } يعني القرآن { والله بما تعملون خبير } أي فلا تخفى عليه من أعمالكم خافية وقوله تعالى : { يوم يجمعكم ليوم الجمع } وهو يوم القيامة سمي بذلك لأنه يجمع فيه الأولون والاخرون في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر كما قال تعالى : { ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود } وقال تعالى : { قل إن الأولين والآخرين * لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم } .
وقوله تعالى : { ذلك يوم التغابن } قال ابن عباس : هو اسم من أسماء يوم القيامة وذلك أن أهل الجنة يغبنون أهل النار وكذا قال قتادة ومجاهد وقال مقاتل بن حيان : لا غبن أعظم من أن يدخل هؤلاء إلى الجنة ويذهب بأولئك إلى النار قلت : وقد فسر ذلك بقوله تعالى : { ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم * والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير } وقد تقدم تفسير مثل هذه غير مرة